لا تقل معركة التوعية بمخاطر الألغام وقذائف الحرب غير المنفجرة، أهمية عن نزعها وتفكيكها في ظل تفخيخ الميليشيات لمناحي الحياة باليمن.
وتخوض الجهات المتخصصة بنزع الألغام معركة توعوية موازية من أبرز روادها مشروع “مسام” و”البرنامج الوطني اليمني للتعامل مع الألغام” للحد من سقوط ضحايا جدد، إذ تجرى عمليات توعية المدنيين، سيما الأطفال منهم، في عموم مدن اليمن ومنها الساحل الغربي.
وتشمل برامج التوعية من مخاطر الألغام ومخلفات الحرب، المدارس والأسواق العامة والتجمعات السكانية وتلك المناطق التي شهدت تسجيل سقوط عدد من الضحايا. كما تشمل عمليات التوعية نشر ملصقات تعريفية تحدد خطوات السلامة عند العثور على أجسام غريبة.
الأطفال أكثر عرضة للألغام
وتشكل الألغام خطرا بعيد المدى على حياة السكان ويمتد ذلك الخطر إلى عشرات السنين، لكن البعض، خصوصا الأطفال، ينجذبون إلى الأجسام الغريبة، ويعتقدون أنهم عثروا على شيء ذو قيمة يثير فضولهم، لكنه ما يلبث أن يتحول إلى أداة قاتلة يذهب ضحيتها العشرات منهم.
وبحسب مدير عام برامج التوعية في البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام، علي الشاعري، فإن أكثر ضحايا الألغام هم من الأطفال ويشكلون نحو 40 بالمائة من عدد يصل لنحو 1200 ضحية في الساحل الغربي فقط.
ويؤكد الشاعري أن برامج التوعية بمخاطر الأجسام الغريبة تحاول رفع مستوى الوعي بين الأطفال، من خلال تعريفهم بالألغام والأجسام المتفجرة وشرح قصص عن ضحايا من الأطفال لأجل تقليل عدد الضحايا.
كما يقول الشاعري إن التوعية لها ثمار متعددة، فالكثير من الأطفال والمواطنين لم يكونوا على علم بمعنى الإشارات التي يتم وضعها للدلالة على وجود ألغام، كما لا يعرفون أشكالها المتعددة، والبعض منهم يعتقد أنه سيربح من وراءها المال عند بيعها لدى تجار شراء المعادن، لكنه في الواقع محاورة للموت الملغوم.
ويذكر الشاعري قصصا مأساوية لأطفال ذهبوا ضحية العبث بالذخائر المتفجرة والألغام الحوثية من بينهم طفل وجد قذيفة متفجرة، وأبلغ اثنين من رفاقه كانوا يتواجدون معه عن مكانها قبيل انفجارها دون علم منه أنها علبة قاتلة، وإن أن لمسها حتى قتل وأصيب رفاقه بجروح بليغة.
حماية الأطفال
وفي هذا الإطار يتحدث مدير إدارة التوعية في المركز الوطني للتعامل مع الألغام، خالد قائد، عن قصص مأساوية كثيرة لأطفال قضوا نحبهم نتيجة العبث بالأجسام الغريبة ومخلفات حرب الميليشيات، وكان ذلك دافعاً لنا في تجنيب الأطفال والمدنيين ذلك.
ولفت إلى أن التوعية بمخاطر الألغام تعد من أفضل الوسائل التي من خلالها نستطيع أن نلعب دورا في حماية الأطفال من أدوات الموت المتفجرة، فمن خلال تعريفهم بأنواعها والمخاطر التي تشكلها على حياتهم، نكون بذلك قد أوصلنا رسالتنا بدقة عالية.
وعن القواعد المراد إتباعها عند عثور الأطفال على أجسام غريبة أو إدراكهم أنهم دخلوا في حقل ألغام، يقول خالد قائد، إننا نرشدهم بالطريقة التي ينبغي إتباعها وهي “تجنّب، ابتعد، لا تقترب”، مع العودة باستخدام أثر الخطوات السابقة ومن ثم التبليغ عنها.
فالتوعية تعلم الأطفال طريقة التبليغ عن القذائف، مع تأكيدنا أن اقتناءها ليس له أي قيمة مادية”، يضيف خبير التوعية: “بل إنها تشكل خطر الموت وهذا ما نسعى للتركيز عليه”.
نزع وتوعية
يقول علي زيد، وهو عضو في برنامج توعوي يضم 16 فريقا توعويا، أن البرنامج اليومي لفرق التوعية يشمل زيارة الأماكن الملوثة بالألغام وهذا الجانب أسفر عن تحسن إيجابي في استيعاب الأهالي المخاطر التي تشكلها القذائف غير المنفجرة إلى حد أن البعض يتصل بنا أو يقوم بالاتصال بالأرقام الهاتفية التي توزع مسبقا للإبلاغ عن الأجسام الخطرة.
وتابع: “نتج عن ذلك تلقينا العديد من البلاغات وقد تمكنت الفرق الميدانية من انتشال القذائف وبقايا الذخائر غير المتفجرة”.
ويضيف أن “الخطر لا يزال قائماً مع وجود المئات من الأميال التي يصعب مسحها في الوقت الذي يغامر السكان بالعودة إلى مساكنهم، رغم المخاطر المحدقة بهم”.
وتجري التوعية بمخاطر الألغام التي يتم تنفيذها بشكل مستدام بالتوازي مع عمليات نزعها، وتصل إلى مناطق نائية ما تزال ملوثة بالألغام.
يقول عماد الصوفي، أحد أعضاء فريق التوعية “نستهدف المناطق القريبة من حقول الألغام وتلك التي كانت تتمركز فيها مليشيات الحوثي، ونخضع جميع فرق التوعية لمعايير معينة، كما نستهدف التجمعات السكانية التي تكرر فيها وقوع انفجارات ناتجة عن لمس أجسام غريبة”.
ويرد الصوفي على اعتقاد البعض بأنه من الصعب توعية المدنيين بمخاطر الألغام بالقول إن “التوعية تشمل التعريف بالإشارات التي تدل على وجود حقول ألغام، فضلا عن أشكال المتفجرات مع تحذير السكان من مخاطر لمس القذائف التي لا تزال موجودة على الأرض بكثرة خصوصا في المناطق ذات الأشجار الكثيفة”.