الأخبار
عديدة هي الأشياء التي تؤلمك كأن تفتح عينيك على واقع لا تريده، أو تتمنى عودة زمان قد ولى وانتهى، أو أن تتذكر إنسانا عزيزا قد رحل بلا عودة، أو أن تقف أمام المرآة فلا تتعرف على نفسك بسبب الشحوب والألم الذي غزى ملامحك، أو أن تشعر بالظلم وتعجز عن الانتصار لنفسك.
اليمنيون يعيشون هذا الواقع بحذافيره، فلقد فقدوا لذة الحياة بعد أن سرقت الابتسامة من ثغورهم وسلبت حقهم في الاختيار ودفن أطفالهم بسبب الحقد الملغوم.
لكن قسوة الحياة أيضا علمتهم كيف يصبحون أكثر مقاومة وجعلتهم يكافحون لأجل البقاء رغم الحزن المسيطر عليهم والظلام الذي ملأ قلوبهم ورغم ما ترتكبه الميليشيات من انتهاكات جسيمة في حقهم، إلا أنهم يقامون كل ذلك ويتبعون طريق الأمل، أملا في الخلاص.
وكانت منظمة مساواة للحقوق والحريات قد وثقت، خلال العام الماضي، 2313 انتهاكا ارتكبتها الميليشيات في محافظة ذمار فقط، توزعت بين انتهاكات فردية وأخرى جماعية إضافة إلى الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة منها، 16 حالة قتل عمد و3 حالات تعذيب حتى الموت و28 حالة إصابة وشروع في القتل و9 حالات أحكام إعدام خارج إطار القانون، عدا عن 24 حالة اعتداء على المؤسسات التعليمية و32 حالة سطو على المساعدات الإغاثية ومنع وصولها لمستحقيها.
كما رصد التقرير 313 حالة تجنيد لأطفال في المحافظة. وأكدت المنظمة أن هذه الجرائم الواردة في تقريرها لا تشمل كل انتهاكات هذه الميليشيات بل تضمنت فقط ما استطاعت فرقها الميدانية الوصول لضحاياها، وهو غيض من فيض.
لكن رغم الفظائع التي ارتكبتها هذه الجماعة، ستظل الألغام أقساها وأشدها وقعا في حياة اليمنيين، إذ تزرعها الميليشيات بصورة كبيرة في أي مكان تطأه أقدامها حتى بات الخطر يحاصر المدنيين ويهدد أجسادهم التي تهتز أوصالها كلما سمع دوي انفجار.
مشاهد القتل والدمار والأشلاء المتناثرة شريط يتجدد أمام أعينهم كل يوم، وتخلف هذه الكارثة قصصا مأساوية ومعاناة لا حصر لها تظل تعايشها أسر الضحايا فترات طويلة لن يستطيع الدهر بتقلباته أن يمحو أثرها بسهولة.
في خضم هذه المآسي مثل مشروع مسام، شعلة الأمل التي أنارت عتمة الشعب اليمني والتي سيهتدي بها للخروج من مأزق الألغام الذي عمقته الميليشيات بإصرارها على نشر الموت وإطنابها في زرع هذه العلب الملغومة.
ففرق مسام الهندسية تبذل جهودا مضنية وجبارة منذ أن وطأت أقدام أسرتها الأراضي اليمنية لاستئصال هذا الإرهاب الخبيث المدفون تحت الأرض، وفعلا ساهمت عملياتها النوعية بشكل كبير في التخفيف من حدة الإصابات الناجمة عن الألغام وساعدت المواطنين على العودة إلى قراهم ومزارعهم بشكل آمن.
فمشروع مسام مشروع حياة وأمل لكل اليمنيين، إذ تمكن منذ انطلاق عمله وحتى اليوم من إزالة أكثر من 217 ألف لغم وقذيفة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
وهو مازال يسابق الزمن من أجل التجذيف باليمن الجريح نحو بر الأمان ” يمن بلا ألغام”.