الأخبار
لقد كان سعيدا، لكن عصفت به أزمات وأحداث وفوضى على جميع الأصعدة السياسية منها والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وأخطرها الإنسانية، مما حول سعادته إلى حزن وشقاء، وأمنه إلى خوف ورعب متواصل، وعمرانه إلى خراب ودمار، لكن ما كان له أن يصل إلى هذه الحالة الكارثية إلا بعد انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية فصار يقبع تحت أهواء جماعة مسلحة هدفها الوصول إلى الحكم لتنفيذ أجندة خارجية.
لذلك لم يقتصر دور الميليشيات الحوثية على إفساد الحياة السياسية وحسب بل توسع دورها للنيل من المواطنين الأبرياء وخاصة الأطفال حيث زاد التوحش الحوثي ضدهم.
فمنذ أن ظهرت هذه الجماعة على الساحة اليمنية ولاحت مطامعها للعيان من خلال انقلابها على السلطة الشرعية، شرعت في ممارسة انتهاكات إنسانية في حق شعب اكتشف وجهها القبيح، ورفض وجودها، وهو ما جعلها تحاول الانتقام منه بشتى الطرق. وكان استهداف الأطفال من بين السبل التي انتهجتها هذه الجماعة إما عن طريق الألغام أو القنص أو التجنيد.
وكانت منظمة اليونيسيف قد أكدت أن هناك 6 أطفال على الأقل يقتلون أو يجرحون يوميا بسبب ضربات الحوثي منذ تأزم الوضع في اليمن، مشيرة إلى أن هذه الجماعة تزرع ألغاما كثيرة في أماكن متفرقة، وهذه الآفة تتسبب في مصرع وإصابة عشرات الأطفال.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فقد قتل الطفل مارش ربيع البالغ من العمر 9 سنوات وأصيب شقيقاه همام ذا الـ7 سنوات وصنع الله ذات 6 سنوات بإصابات بليغة بسبب انفجار لغم أرضي من مخلفات الميليشيات الإرهابية وذلك أثناء رعيهم الأغنام في منطقة يام اليمنية التابعة لمديرية نهم شرق صنعاء، التي جادت عليها هذه الجماعة بأعداد مهولة من الألغام والعبوات الناسفة أثناء سيطرتها عليها قبل عام ونصف. وتعد هذه الحادثة هي السادسة في تلك المنطقة الجبلية التي حوطتها ميليشيا الحوثي بمئات الآلاف من الألغام والعبوات الناسفة قبل فرارهم منها.
هذا ليس الشيء الوحيد الذي يتعرض له الأطفال في اليمن، بل هناك انتهاكات أخرى يتعرضون لها على غرار إجبارهم على حمل السلاح عنوة وذلك لتعويض نقص الجنود لديهم. علاوة على المنع من التعليم إما بسبب قصف المدارس أو تدميرها أو استخدامها كمعسكرات تدريب ومخازن للسلاح. هذا إضافة إلى مواجهة الأطفال للموت البطيء نتيجة انتشار الأمراض الوبائية مثل الكوليرا وحمى الضنك وغيرها.
مع سقوط الأطفال بين قتيل وجريح بسبب الألغام الأرضية تصبح الحاجة ملحة لبذل المزيد من الجهد لإيقاف هذا النزيف، لكن الميليشيات الحوثية مازالت ماضية في نهجها الدموي، حيث قامت خلال اليومين الأخيرين بزراعة حقل ألغام شمال غربي الضالع. وحسب شهود عيان فقد تم مشاهدة العشرات من عناصر ميليشيا الحوثي الإرهابية تقوم بزراعة ألغام على جانبي الطريق الرابطة بين الفاخر وحمام النبيجات بمديرية قعطبة بمحافظة الضالع.
لقد خلف المتمردون مئات الآلاف من الألغام في المدن اليمنية التي طردوا منها على مدار السنوات الفارطة مما جعل عددها الأكبر في بلد واحد منذ الحرب العالمية الثانية.
إن هذه القوى الانقلابية في اليمن التي دمرت البنية التحتية إضافة إلى صناعة الألغام وزراعتها بطريقة عشوائية وبنسق غير مسبوق لاستهداف اليمنيين العزل، أدى إلى إصابات مستديمة وخسائر بشرية كثيرة خاصة في صفوف النساء والأطفال. هذا ما دفع مشروع مسام إلى السعي إلى تطهير الأراضي اليمنية كافة من مخلفات الألغام والذخائر غير المنفجرة التي أودت بحياة الآلاف.
وكان المدير العام لمشروع مسام السيد أسامة القصيبي قد أعلن أن الفرق الميدانية التابعة للمشروع تمكنت من نزع 1528 لغم وذخيرة غير منفجرة خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر، ليصل إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع ولغاية 7 من هذا الشهر إلى 103737 تنوعت بين ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة يعيش اليمنيون وسط غابات من الألغام نشرتها الميليشيات الانقلابية، لتترك اليمنيين يلاقون الموت أو الإصابة مع كل خطوة.. لعنة حلت باليمن أرقت سكانه وعصفت بأحلامهم. لقد بات اليمن أكثر بلد يعاني من هذه الآفة.
فهل سيتحرك الضمير الدولي لإيقاف نزيف الأرواح الحاصل نتيجة عربدة الميليشيات الحوثية؟.