الأخبار
كثيرة هي حوادث انفجار الألغام والمخلفات المتفجرة التي تركتها ميليشيا الحوثي وراءها في العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها قبل تحريرها، وراح ضحيتها الآلاف من المواطنين اليمنيين وخاصة الأطفال الذين تأذوا بشكل كبير من وجود هذه الآفة على أرض وطنهم. فمن لم تقتله تلك المتفجرات، تقعده حبيس إعاقة دائمة سترافقه مدى الحياة.
إذ تعد زراعة الألغام من الجرائم ضد الإنسانية طويلة الأمد نظرا لأنها تربض في الأرض لسنوات وتلحق بالأشخاص عاهات مستديمة، وهو تماما ما تسعى إليه الميليشيات الحوثية بزراعتها للألغام بطريقة عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط مما يشكل صعوبة بالغة في التخلص منها سريعا وكشفها بسهولة. وتشير إحصائيات محلية إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين بسبب الألغام إما قتلا أو ببتر أطرافهم. ولايزال العدد في تصاعد.
وكانت عدة تقارير حقوقية قد أفادت أن أكثر المناطق تضررا من زراعة الألغام هي الحديدة وتعز، مؤكدة أن اليمن يجثو اليوم على أكبر حقل ألغام في العالم ولن يتم كشف حقيقة تلك الكارثة إلا بعد أن ينتهي هذا الانقلاب حينها ستظهر آثارها للعلن.
واقتصر استخدام الألغام على ميليشيا الحوثي بشكل حصري، إذ يوجد أكثر من مليوني لغم أرضي زرعها الحوثيون في أكثر من 15 محافظة يمنية بجميع الأنواع كالمضادة للمركبات والمضادة للأفراد والألغام البحرية عدا عن الألغام التي تم تطويرها محليا لتنفجر مع أقل وزن.
لقد غدت الألغام الأرضية أحد أبرز أسلحة المتمردين التي تستهدف الأبرياء في الجبال والوديان والسهول وفي الأحياء السكنية. فلا ينسحب هؤلاء الانقلابيون من منطقة إلا بعد أن تكون منكوبة بمئات الألغام، وهو ما أدى إلى وقوع آلاف الضحايا لها الآن ومستقبلا بين قتلى وجرحى.
وتمثل زراعة الألغام واحدة من أخطر جرائم الحرب الحوثية التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر وتهدد حياة الجميع بلا استثناء، الأمر الذي جعل اليمن يتصدر قائمة الدول الأكثر ضحايا لحوادث الألغام، حسب تقرير عالمي لرصد حوادث الألغام المضادة للمركبات لعام 2018.
لكن الغريب أن ما يجري في اليمن لم يلق الاهتمام اللازم من المجتمع الدولي الذي عصب عينيه عن مآسي أبناء اليمن. بيد أن الجارة الشقيقة هبت لتضميد جراح اليمنيين والتصدي لمصدر معاناتهم.
فكان مشروع مسام بادرة الخير التي حطت رحالها في هذا البلد المنكوب ليقوم بتأمين حياة الأبرياء من خطر الألغام والعبوات الناسفة التي لوثت تلك الأرض الطيبة.
لقد بذلت الفرق الهندسية التابعة للمشروع جهودا كبيرة واضطلعت بدور فعال لإزالة ما خلفته أيادي الإجرام من علب. وقد تمكنت من تأمين وتطهير الكثير من المناطق على غرار بعض مناطق مديرية ذباب، الأمر الذي مكن المواطنين من العودة إلى قراهم بعد أن هجروها بسبب الألغام وانتهاكات الحوثيين.
وفي ذات السياق، استطاع الفريقان 19 و24 مسام تأمين مساحة قدرها 25000 مترا مربعا في جبل المنصورة الذي فخخته الميليشيات بكميات هائلة من الألغام الفردية التي باتت تشكل تهديدا مباشرا لحياة المدنيين نظرا لأهمية المنطقة التي تضم الأبراج الخاصة بشبكات الاتصالات ولأنه يمر منها مشروع مياه إلى عديد قرى ومناطق ذباب.
للألغام فصول متعددة مع اليمن لكن يعتبر فصلها الحالي الأخطر على الأرض والشعب حيث يغرق اليمنيون في جحيمها ويدفعون أثمانا باهظة لوجودها من أرواحهم وأجسادهم التي تلاعبت هذه الفخاخ دون رحمة.