الأخبار
حين تحاول عصابة أن تدير دولة، يتضح الفرق جليا بين معنى سياسة دولة وسياسة عصابة. هذا هو حال اليمن منذ أن انقلبت الميليشيات الحوثية على الدولة وشعبها، حيث تعمل على الإيفاء لصورة المحتل بكل الطرق من خلال القتل والتنكيل والتشريد والتجويع وبتر الأطراف عدا عن الاعتقال وتجنيد الأطفال إضافة إلى تفخيخ الأراضي بالألغام.
ميليشيا الحوثي هي عصابة مؤدلجة، تتحرك وفق أيديولوجيتها المتطرفة ورؤيتها الضيقة ومصالحها الصغيرة، وتقدم خدماتها لمشروع إرهابي طائفي. لذا نراها تواصل عبثها باليمن وأبنائه، ويتجلى ذلك في استخدامها للمدنيين كدروع بشرية ودأبها المتواصل على نشر بذورها المتفجرة، وهو أسلوب عصابة بامتياز لا يمت إلى معنى الدولة بأي صلة وهو كذلك انعكاس لأخلاق مستعمر غاشم.
وفي ظل غياب أرقام رسمية، تشير التقديرات إلى أن ميليشيات الحوثي زرعت في المناطق التي وصلت إليها أكثر من مليوني لغم مختلفة الأحجام والأشكال والأهداف وهو ما حول اليمن إلى حقل ألغام ممتدد.
فيما قالت تقارير دولية بأن ما زرعته الميليشيات الحوثية من ألغام في اليمن يفوق ما زرع في الحرب العالمية الثانية بكثير، لهذا السبب صرحت الحكومة اليمنية في وقت سابق بأنها تحتاج إلى عقود طويلة للتخلص من كارثة الألغام طبعا في حال توقفت حرب الحوثيين على هذا البلد وأبنائه.
وكان مشروع بيانات النزاع والحدث المسلح قد أشار إلى أن اليمن مهدد بنحو 30 مليون عبوة متفجرة من مخلفات الحوثيين فضلا عن الألغام.
هذه المصيبة التي حلت باليمن وشعبه حصدت خلال السنوات الست الماضية حياة الآلاف من المدنيين وتسببت في فقد قرابة مليوني يمني لأطرافهم بشكل كلي أو جزئي.
وتشير دراسة حديثة لمؤسسة “بوميد” الأكاديمية للأبحاث إلى وجود 4 ملايين معاق في اليمن نتيجة انتشار الأسلحة المتفجرة التي تتسبب في إعاقات أكثر خطورة وتعقيدا مثل بتر الأطراف وإصابات في النخاع الشوكي. وهو تماما ما سعت إليه جماعة الحوثي حتى تروي ظمأها من دماء اليمنيين وتشفي غليلها لتكبدها هزائم متلاحقة على مختلف الجبهات.
ومن عمق هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن، برزت مواجهة غير مألوفة من فوق الأرض وتحتها بين الألغام والفرق المختصة في نزعها والتي تتزعمهم فرق مشروع مسام.
هذا المشروع الذي رفع شعار “حياة بلا ألغام” ولامس وجدان المواطن اليمني نتيجة الجهود التي يبذلها لتخليص اليمن من آفة الألغام وتطهير أراضيه منها وتحرير رقاب المدنيين من خطرها، حيث تمكن من إزالة العلب القاتلة من عديد المناطق بصفة كاملة وإعادة بث الحياة من جديد في عدد من المدن والقرى.
وفي سياق متصل، أعلن قائد الفريق 21 مسام، المهندس عبدالله شعفل، أن فريقه تمكن من تأمين منطقة المترب التابعة لمديرية موزع من خطر الألغام بشكل شبه كلي بعد أن كانت تصنف منطقة موبوءة.
وقد استطاعت إلى حد الساعة من تأمين 22 ألف متر مربع نزعت منها 116 لغما وعبوة ناسفة. وأكد شعفل أن العمل جار بوتيرة عالية لاستكمال تأمين المنطقة وإعلانها منطقة خالية من الألغام.
إن ميليشيات الحوثي تعتمد على زرع المتفجرات والألغام المحرمة دوليا ليس دفاعا عن النفس بقدر ما هي سياسة ممنهجة لاستهداف الأبرياء انتقاما من المدنيين الرافضين لممارساتها وسياستها ولوجودها من الأساس.