الأخبار

منذ سبتمبر 2014، يشهد اليمن أشد البلدان العربية فقرا نزاعا مسلحا ناتج عن انقسام سياسي حاد وسببه تكالب الحوثيين على السلطة. وأضاع هؤلاء المتمردون على اليمن فرصة ذهبية للنأي بهذا البلد عن أتون حرب عبثية. ثم جاءت أزمة 2014 لتربك المشهد السياسي برمته ولتدخل اليمن في دوامة.
ومع استمرار الميليشيات الحوثية في التصعيد وفشل كل محاولات التفاوض والتسوية التي رعتها الأمم المتحدة ازدادت كلفة الإنقلاب على المدنيين من خلال إزهاق الأرواح وإصابة الآلاف الآخرين وتدمير الممتلكات العامة والخاصة علاوة على تشريد الأهالي.
إذ يعاني اليمن ريفا وحضرا على جميع المستويات الإقتصادية منها والاجتماعية والغذائية والأمن النفسي والجسدي للمواطنين، فقد دكت أدوات الحرب الحوثية تلك المكتسبات التي تحصل عليها اليمنيون بمشقة بالغة، فباتت المباني الحكومية والمدارس والمستشفيات والمنازل أهدافا محتملة لعبوات الغدر الحوثية التي لم يسلم من بطشها حتى مدينة صنعاء القديمة المدرجة ضمن التراث العالمي.
وفي طريقها لبسط سيطرتها، حطمت الميليشيات الحوثية رقما قياسيا في حرب الألغام وصارت واحدة من أمهر الجماعات الإرهابية في العالم في شن هجمات بالعبوات الناسفة.
ووضحت الإحصائيات أن الألغام الحوثية أسفرت عن سقوط نحو 1000 شهيد وأكثر من 10 آلاف مصاب بينهم نساء وأطفال. هذه الحصيلة كانت نتيجة طبيعية لخبث هذه الجماعة ومكرها، حيث عمدت إلى صناعة ألغام بأشكال مموهة مما يجعل إمكانية كشفها أمر صعب، هذا علاوة على نشرها على نطاق واسع.
وتعاني نحو 14 محافظة يمنية من الألغام وهي: الحديدة، حجة، صعدة، مأرب، تعز، أبين، شبوة، عدن، لحج، الجوف، البيضاء، الضالع، صنعاء وجزيرة ميون.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد أصدرت تقريرا أكدت فيه ظلوع الميليشيات الحوثية في زراعة الألغام في آبار المياه وعبوات مموهة وألغام بحرية هددت السفن التجارية وسفن مشيرة إلى تباهي وسائل الإعلام التابعة للحوثيين بالخسائر الناتجة عن انفجار هذه الألغام، فيما وصف تقرير مؤسسة رصد للحقوق والحريات والتنمية المستدامة الأحياء السكنية التي قام الإنقلابيون بتلغيمها وتفخيخها في مدينة الحديدة بـ”أحياء الألغام” وهي تحديث لأماكن الألغام التي انفجرت، موضحا أن نحو 800 ألف مدني أصبحوا شبه عالقين وسط حقول الألغام الممتدة على 594 كيلومتر تقريبا.
وفي إطار تأمين حياة اليمنيين تمكنت الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام من نزع نحو 90 ألف لغم وعبوة ناسفة، وهو ما صرح به المدير العام للمشروع السيد أسامة القصيبي مبينا أن الأرقام الحقيقية للألغام المنتشرة في الأراضي اليمنية ستكشف بعد انتهاء عمل الفرق منوها بمجهود الفرق رغم المخاطر التي تهدد حياة العاملين بها.
لكن رغم ما تقوم به الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام وكذلك التابعة للقوات الحكومية فإنها تبقى غير كافية لإبعاد اليمن عن شبح الخطر الأمر الذي يستوجب وقفة حازمة من المجتمع الدولي وعدم إتخاذ موقف حياد تجاه ما يحدث، إذ يجب إتخاذ مواقف جدية وصارمة ضد الحوثيين الذين ضربوا بجميع الأعراف والقوانين عرض الحائط.