الأخبار
“لكل مواطن يمني عند الحوثيين لغم مكتوب باسمه “هكذا اختار مقدم برنامج “صناعة الموت” الذي يبث على قناة العربية أن يستهل حلقته التي تناولت موضوع زراعة الألغام في اليمن والتي تضمنت لقاء مع مدير عام مشروع مسام أسامة القصيبي.
وكان القصيبي قد أعلن خلال هذا اللقاء أن الألغام التي عثر عليها نازعو الألغام التابعون لمشروع مسام ليست ألغاما مستوردة أو ألغاما تقليدية ولا تعود إلى نزاعات سابقة لأنها تلك الألغام معلومة النوع، وإنما هي ألغام إيرانية الصنع ومحلية الصنع وهي موجودة بكميات هائلة على التراب اليمني، هذا إضافة إلى العبوات الناسفة التي استخدمت اليوم في اليمن بكثافة غير مسبوقة بأحجام مختلفة وأشكال مموهة، وتعمل عن طريق الأشعة تحت الحمراء أو عن طريق سلك تعثر أو جهاز تحكم أو هاتف، مشيرا إلى أن عددها صار تقريبا مساويا لعدد الألغام الموجودة في اليمن.
وكشف القصيبي أن الميليشيات الحوثية أدخلت تعديلات على الألغام المضادة للمركبات لتصبح مضادة للأفراد باستخدام دوسات كهربائية، بالتالي تكون على أهبة الاستعداد للإنفجار حتى إن داستها أقدام طفل، وهو ما يترتب عنه أضرار كبيرة مقارنة بما تحدثه الألغام المضادة للأفراد.
واتهم القصيبي الحوثيين بارتكاب جريمة حرب قائلا “عندما تحول لغم آليات ليعمل بنفس أسلوب الألغام المضادة للأفراد وتستعمله في مناطق آهلة بالسكان فإنك ترتكب جريمة حرب خاصة وأن القانون الدولي جرم استخدام هذا النوع”.
وواصل المدير العام للمشروع حديثه مبينا أن النسبة الأكبر من الألغام المضادة للمركبات عدلت ليغدو مضادا للأفراد أو ألغاما يصعب نزعها بسبب تزويدها بأجهزة تمنع إزالتها يدويا كما هو الحال في الجوف، مما جعل الفرق الميدانية لمشروع مسام تلجأ لسحبها عن بعد لحماية عامليها. وأكد أن الحوثيين زرعوا الألغام في كل المناطق التي دخلوها أو انسحبوا منها دون أن يبدوا اهتماما لما سينجر عن ذلك من أضرار.
وبسؤاله عن السبب الكامن وراء إقدامهم على هذه الخطوة أجاب القصيبي “أعتقد أنه لا يوجد سبب سوى سعيهم لتدمير اليمن وإرهاب شعبه، إذ ليس هناك سبب آخر يبرر وضع عبوة ناسفة أو لغم داخل بيت أو مدرسة فهو لن يكون بالتأكيد لسبب عسكري.. يمكن ان نتفهم الأمر إذا وضعت كخط دفاع داخل مناطق النزاع لكن عندما نجدها في مناطق بعيد عن كل صراع هنا لا يمكننا الحديث إلا عن إرهاب”، موضحا أن بذور الموت هذه سوف تبقى متخفية في الأراضي اليمنية لسنوات طويلة تشكل تهديدا على اليمنيين إلى أن تحصل أي جهة على خرائط أو معلومات تبين عدد الألغام وأماكن زراعتها.
وأردف القصيبي أنه إلى حد هذه اللحظة يوجد في اليمن مناطق ملغومة نجهلها لكن ستكشف عند وقوع إصابة أو سقوط ضحية حينها ستدرج ضمن عمليات مشروع مسام كمنطقة مشبوهة.
وباستفساره عن مدى صحة استعانة الحوثيين بالأطفال لزراعة ألغام، أكد السيد أسامة هذه المعلومة، مشيرا إلى أن هناك ما يسمى بأطفال الحرب الذين خصهم مركز الملك سلمان ببرنامج لإعادة تأهيلهم.
وتابع حديثه معربا عن حزنه عند رؤية طفل مصاب قائلا “بسبب لغم يدمر مستقبل العديد من الأطفال في اليمن، فهم يدفعون ثمنا غاليا سيسددونه يوميا، لن تبقى لديك كلمات لتعبر عن ألمك أو لمواساتهم.. للأسف الألغام دمرت عائلات بسبب إصابة واحدة”.
وبالعودة إلى الخطوات الأولى للمشروع، ذكر القصيبي أن المشروع تفاهم مع مكتب صنعاء وابتدأ بفريقين عملا في صعدة وعمران، مبينا أنهم الآن بصدد إعادة تقييم هذه التجربة في المرحلة الجديدة بهدف الترفيع في عدد الفرق أو تغيير مكان الفريقين إلى الحديدة الواقع جزء كبير منها تحت سيطرة الحوثي، مشددا على أن مشروع مسام هو مشروع يعنى بنزع الألغام من أي منطقة في اليمن يمكن الوصول إليها بغض النظر عن سكان هذه المنطقة أو توجههم السياسي أو المذهبي أو الطائفي، فالمشروع ينأى بنفسه عن أي صراع دائر، هدفه فقط إنقاذ الشعب اليمني مع ضمان سلامة الفرق العاملة، مشيرا إلى أن الهدف الذي يسعون لتحقيقه أنبل وأسمى من أي تضحية، فكل العاملين في هذا المجال يعلمون تماما ما ينتظرهم عند ولوجهم إلى حقول الألغام، وهم راضون بذلك بإرادتهم، فمشروع مسام قدم في السنة الماضية 19 شهيدا وهو عدد ليس ببسيط.
وعبر القصيبي عن حرقته لفقد أصدقائه الذين يعتبرهم في مقام إخوانه لأن هناك رابط جد قوي بينهم، فمنهم من عمل معه 17 سنة، وآخر 15 سنة، مبينا أن الفقدان يؤلم لكنه لن يثنيهم عن عملهم، بل سيحفزهم للعمل بنسق أكبر.
لقد استخدم الحوثيون الألغام والعبوات الناسفة كوسيلة للضغط على المواطنين لحكمهم، فالإرهاب الحوثي يحاول إثبات وجوده من خلال تذكير اليمنيين بما فعله وأبقاه من ألغام على التراب اليمني.