كم هائل من الأزمات تلاحق اليمن بسبب سيطرة الميليشيات على أمنه الداخلي ومهاجمة جارته مرورا بتجويع الشعب وتفقيره وصولا إلى تلغيم مساحات واسعة منه.
هذه الأزمات جعلت الأحزان تفوق طاقة اليمنيين الذين باتوا غير قادرين على تحمل هذا العبء الذي أثقل كاهلهم وأنهك قلوبهم التي اعتصرها الكمد والألم.
هؤلاء الإرهابيون الذين يصنعون المآسي والآلام لا يحسون بعمق الوجع. فهم يضعون مصالحهم الشخصية في الزعامة بدلا من مصالح وطنهم وشعبهم، ولا يقرون بأن قتل الأبرياء وزرع الألغام وتفجير المنازل والسعي لتدمير البلد لن يثبت أحقيتهم في الحكم ولن يمنحهم الشرعية بل هو دليل قاطع على توحشهم وإرهابهم الذي طال الأخضر واليابس.
الميليشيات الحوثية هي الوجه الآخر للوحشية حيث لا تتورع عن صدمة الشارع اليمني بجرائمها المتنوعة، لتبقى الألغام في صدارة تلك القائمة مما وشح اليمن بالسواد الحالك.
مسلسل الجرائم والإنتهاكات جعلت تلك الميليشيات تشكل جريمة متنقلة تتناسل منها جرائم وانتهاكات فظيعة، وتنمو باستمرار وتزداد توحشا ووحشية مستخدمة كل وسائل وأساليب الإنحطاط في نهجها الإجرامي.
ويعد انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة المتناثرة في جميع أنحاء اليمن خطرا كبيرا أفضى إلى قتل وإصابة المدنيين، فقد لقي 348 شخصا حتفهم في عام 2020 فقط. كما أن انتشارها يتسبب في دمار سبل العيش وله تأثير سلبي عميق على الإقتصاد بشكل واسع.
لتبقى المثابرة هي السبيل الوحيد للتخفيف من الآثار طويلة المدى وغير المحمودة للألغام في اليمن. وهو المبدأ الأساسي لمشروع مسام الذي يعمل في المناطق المحررة والذي يهدف إلى الوصول إلى كل ربوع البلد لتخليصه من الوباء المنتشر مع الإستمرار في تطوير وتوسيع قدراته على الرغم من كل العوائق.
لقد كان التقدم مطردا في إزالة علب القتل إذ قامت الفرق الهندسية التابعة للمشروع بتطهير 24800280 مترا مربعا من الأراضي اليمنية وإزالة أكثر من 265 ألف قطعة قابلة للإنفجار لتمنح بذلك آلاف اليمنيين الأمان والسلامة في زراعة أراضيهم والقدرة على الحركة للوصول إلى الخدمات الأساسية والعمل والتعيم وغيرها.
وتعتبر بعثة مسام شريكا رئيسيا في العمل للحد من خطر الألغام، إذ لا يوجد مكان تتجلى فيه الصلة بين تهديد الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة والقطاع التجاري والإنساني أكثر من حقول الألغام أين تدور حرب خفية بين تلك الفخاخ وعاملي مسام الذين يسعون للإطاحة بهذا العدو وتجنيب نشب مخالبه في أجساد الأبرياء.
لقد استطاعت الفرق الهندسية الموزعة في الأراضي اليمنية المحررة كسب الشارع اليمني من خلال عملها الجاد. فماحققه مشروع مسام كان تذكرة إلى قلوب اليمنيين فقد استطاع جزء منهم العودة إلى ديارهم التي كانت منذ وقت قصير مفخخة بالألغام كما تمكن الأطفال من الركض واللعب والدراسة بعد تخليص قراهم من الموت المطمور في أرجائها.
رغم هذه الجهود، لاتزال الكثير من الأشواك تحف طريق المشروع لعل أهمها عدم وجود خرائط للأماكن التي زرعت فيها الألغام هذا إضافة إلى صعوبة التنقل من منطقة إلى أخرى. لكن مسؤوليه أكدوا قدرتهم على تذليلها والتغلب عليها بالعزيمة والإيمان بنبل الرسالة المنوطة بعهدتهم.