الأخبار

من قديم الزمان والنساء في المجتمع اليمني يتميزن بنشاطهن وقوتهن الفاعلة ويحظين بدور أقوى بكثير من دور الرجال. فقد كان تاريخ اليمن زاخرا بعدة أسماء كانت لهن بصمات لعل أشهرهن بلقيس وأروى.
لكن أين نحن الآن من هذا التاريخ الحافل؟ لا غرابة في أن نجد المرأة اليمنية تتذيل منذ زمن طويل الترتيب العالمي للمساواة بين الجنسين، كما أنها تحتل المرتبة الأخيرة منذ 13 عاما في تقرير منتدى الاقتصاد العالمي.
وزاد الانقلاب الحوثي من تدهور وضع النساء هناك حيث أثقلت سنواته وتداعياته كاهلها فصارت تكابد وتصارع بنفس متعبة للحفاظ على حياتها وحياة أفراد أسرتها.
المرأة اليمنية وجدت نفسها في صراع محتدم مع كل ما يحيط بها سواء في مخيمات النازحين أو في قريتها النائية المنسية المفتقرة لأدنى معايير الحياة الكريمة أو في المدن التي تعاني الفقر والغلاء.
وبعد ما يزيد عن خمس سنوات من الانقلاب وتعرض عدد كبير من الرجال للقتل أو الإصابة على يد الميليشيات الإرهابية، وجدت النساء أنفسهن مجبرات على مواجهة تحديات جديدة والانخراط في نشاطات كانت تقتصر على الرجال لكسب قوت عائلاتهن، لقد عمق هذا الانقلاب من معاناة حواء هناك، فباتت على مرمى نيران جماعة الحوثي الذين لا يتوانون في إلحاق الأذى بها.
وفي سرد بسيط لحجم هذه الانتهاكات الحوثية الحاصلة في حقهن، ذكر تقرير حديث لمنظمة” رايتس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي” آلاف الانتهاكات ضد المرأة في 19 محافظة يمنية، إذ وثقت المنظمة نحو 668 حالة قتل و1733 حالة إصابة.
وتصدرت مدينة تعز المركز الأول في كمية الإصابات بـ115 حالة تلتها الحديدة بـ166 حالة ثم صنعاء بـ133 حالة بينما حلت عدن في المركز الرابع بـ102 حالة إصابة في صفوف النساء.
لم تتوقف معاناة المرأة اليمنية عند ذلك الحد بل تجاوزتها لتتحمل أعباء هذا الانقلاب وويلاته، فهي زوجة مقعد أو أم فقيد أو أسير أو مختطف أو مسؤولة عن منزل لا رجل فيه، عدا عن تعرضها للقتل أو الإصابة أو الإعاقة جراء الألغام التي زرعت في المنازل والطرقات والمزارع.. إضافة إلى تهجيرها من مناطق عيشها وافتقادها لأبسط معايير الحماية. لذلك يمكننا أن نقول إن اليمنيات أسهمن بقوة وشجاعة في مواجهة ظروف الانقلاب القاهرة.
وفي محاولة لرفع بعض المعاناة عنهن يستمر مشروع مسام بكامل طواقمه في مهمة تأمين حياتهن من خطر الألغام والمتفجرات رغم ما فرضته الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، فقد بلغ العدد الإجمالي للألغام والمتفجرات التي أزالها مشروع مسام وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال 2018-2019 أكثر من 344 ألف لغم وقطعة متفجرة في العديد من المحافظات اليمنية، مما أثر بشكل إيجابي على حياة آلاف الأشخاص.
وقد ذكر السيد أسامة القصيبي مدير عام مشروع مسام بخطورة الألغام كتحد إنساني كبير مشيرا إلى ما يترتب عنها من أضرار وانعكاسات على الفرد والمجتمع.
إن هذا العدو الكامن في جوف الأرض لطالما حصد الأرواح ويتم الأطفال وشرد عائلات وأهدر الطاقات والموارد وجفف منابع الحياة ورمل النساء اللاتي بقين يقاتلن من أجل الحفاظ على أسرهن ويصارعن لإبقاء اليمن على قيد الحياة.