الأخبار

4 سنوات مرت على بداية الانقلاب، 4 سنوات من الدمار والخراب، 4 سنوات من التقتيل والتشريد، 4 سنوات سالت فيها دموع الأمهات واليتامى ورويت فيها أرض اليمن بدماء الأبرياء.. الأربع سنوات هذه لم تشف غليل الحوثيين ولا روت تعطشهم للدم بل زادتهم غطرسة وتمسكا بإبادة الشعب اليمني وتسوية مدنه بالأرض.
مآسي رهيبة يشهدها اليمن جراء الوجود الحوثي في مناطقه فإضافة للترويع والتقتيل والاعتداء بمختلف أشكاله زرعت هذه الميليشيات مئات الآلاف من الألغام التي جعلت من اليمن أكبر دولة ملغومة بعد الحرب العالمية الثانية.
ورغم طرد هذه الأخيرة من عدة مناطق إلا أن ألغامها بقيت عقبة أمام السكان تفتك بهم من جهة وتقف عائقا أمام ممارسة حياتهم الاعتيادية من جهة أخرى حتى صاروا عالقين ومحاصرين، وهو ما أسفر عن سقوط المئات من المدنيين بين قتيل ومصاب بسبب هذه الآفة المزروعة في مختلف مناطق اليمن.
وفي ظل هذه الأوضاع المأساوية والصعبة التي تمر بها عديد المناطق أجبر السكان على الفرار من منازلهم تاركين خلفهم حياتهم وذكرياتهم وآمالهم فبات الكثير منهم يعيش في العراء وسط ظروف قاسية دون مأوى أو حماية أو مساعدة.
بفرارهم ظنوا أن مأساتهم انتهت لكن الألغام كانت لهم بالمرصاد ولعل قصة عائلة إسماعيل مهيم واحدة من القصص المأساوية حيث قررت هذه العائلة المتكونة من 14 شخص النزوح ومغادرة قريتهم “الدوليل” التابعة لمديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة على متن دراجة نارية مزودة بعربة إلا أن أدوات الغدر كانت تتربص بهم وقامت بإلقاء التحية عليهم أثناء مرورهم في منطقة الكداح مضاعفة بذلك من آلامهم حيث انفجر لغم بالعربة موديا بحياة أم إسماعيل البالغة من العمر 70عاما إضافة إلى جنين لم تلمح عيناه بعد فظاعة الحياة هناك.. كان ما يزال قابعا في بطن زوجة إسماعيل التي تعرضت بدورها إلى إصابات بليغة في العمود الفقري والرجل واليد وخضعت إثر ذلك إلى عملية لإخراج الجنين المتوفي، فيما أصيبت طفلة تدعى ريم جراء هذا الانفجار والذي قذف بها إلى شجرة، علاوة على إصابة خالتها بكسر في يدها وإصابة البقية إصابات متفاوتة الخطورة.
هذه القصة ليست حالة معزولة، إنما قصة تتكرر بصفة متواترة، معاناة اليمنيين من زراعة الألغام متواصلة في ظل استمرار الميليشيات الحوثية في زرع الطرقات والشوارع بالألغام وتفخيخ المنازل بالعبوات الناسفة خاصة في المناطق التي أجبرت فيها على التراجع.
ورغم أن هذه الأعمال ترقى إلى جرائم حرب نجد المجتمع الدولي يقف موقف المتفرج على المآسي الحاصلة دون اتخاذ إجراءات تخدم اليمن لذلك وجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والقيام بدور فعال للضغط على هذه الحركة لوضع حد للعبث الحاصل.
سياسة سد الآذان وعدم المبالاة هذه قابلها عمل دؤوب تقوم به قوات الحزام الأمني وفرق مسام لتخليص اليمن من براثن هذا الخطر حيث قامت قوات الحزام الأمني بنزع 20 لغم مزروع بوادي عومران بمديرية مودية، وإبطال عدد من العبوات الناسفة وتتوقع هذه الفرق وجود أعداد كبيرة من الألغام مطمورة داخل الوادي لذلك تواصل القوات عملية المسح والتطهير.
فيما قامت فرق مسام خلال الأسبوع الثالث من شهر أبريل من نزع 6218 لغم وذخيرة غير منفجرة توزعت كالتالي:
983 لغما مضاد للدبابات، و22 مضاد للأفراد، 5150 ذخيرة غير منفجرة، و63 عبوة ناسفة ليبلغ مجموع ما تم نزعه خلال شهر أبريل 8621 ولتكون الحصيلة الجملية لما تم نزعه منذ بداية المشروع إلى غاية 18 من هذا الشهر 61398 لغما وذخيرة غير منفجرة.
هذه المجهودات لم تثن السكان عن النزوح فرارا من الموت السريع بالألغام الحوثية لكنهم لم يتوقعوا أن يجدوا أنفسهم في أماكن يسكنها الموت البطيء يبحثون فيها عن أبسط المقومات الأساسية للحياة، لذلك من قصر النظر اعتبار مشكلة اليمن تقتصر على إخراج الحوثيين من الأراضي اليمنية بل هي مشكلة شاملة لعل أهمها الألغام المتسببة في جملة من المآسي الأخرى.