الأخبار
أطفال تغيرت حياتهم بعد بتر أطرافهم بسبب الألغام المموهة الغادرة، وآخرون منهم فقدوا أشقائهم وسندهم في الحياة كالوالد أو الوالدة، وعوائل أخرى اكتوت بلظى الألغام التي زرعها الانقلابيون في كل مكان، وعززوا تواجدهم بين الناس بشكل هستيري، فكل مكان من حول هؤلاء يمكن أن يخفي للناس مفاجأة مرعبة.. لغم رابض يترصد بضحاياه.
الألغام المزروعة في الطرقات الرئيسية، المزراع، الحقول، المدارس، بيوت الناس، ثلاجاتهم، خزائن ملابسهم، وعلب الطعام، نسفت الإحساس بالأمان لدى العديد من المدنيين الذي خسروا بيوتهم وعددا من أفراد أسرهم وأراضيهم التي باتت حقولا للألغام، وحتى مواشيهم التي لم تسلم من شر فخاخ الموت تلك، فاضطروا للارتماء في أحضان اللجوء داخل وطنهم بحثا عن مساحة أمان في انتظار الفرج الأكبر بعد تطهير مناطقهم من داء الألغام الفتاك.
قصص النزوح كثيرة ومراراتها متعددة، فقد نزح طفلان في السابعة والسادسة من العمر مع والدتهما من منزلهم في قرية الدنين إلى مخيم الوعرة في الخوخة، على بعد 30 كيلومترا من حيس، وتقول والدتهما فتحية فرتوت إن منزل العائلة كان محاطا بالألغام التي زرعها المتمردون، فقد أخرجت الميليشيات فتحية وأبنائها من منزلهم تحت تهديد الرصاص، بعد مقتل زوجها بلغم أرضي وهو في طريقه إلى السوق.
وبحسب المجلس النرويجي للاجئين، فإن القتال في منطقة حيس قتل عددا من المدنيين وقام بتدمير البنى التحتية وأدى إلى نزوح جماعي لأكثر من 10 أشهر، ويقول المجلس أنه بحلول مارس 2018، نزح 12 ألف شخص من منطقتي حيس والجراحي فقط.
ومثل فتحية وأطفالها، نزحت مئات العائلات اليمنية من منازلها جراء المخاطر المحيطة بها وتقيم الآن في مخيم الوعرة الذي تموله دولة الإمارات بشكل جزئي.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش أعلنت في يونيو الماضي أن الألغام الأرضية في اليمن تسببت “في قتل وتشويه المدنيين، وإعاقة حياتهم، إضافة إلى إعاقة وصول المساعدات الإنسانية، ومنع عودة المدنيين الآمنين إلى ديارهم”.
وقالت المنظمة “زرعت ميليشيات الحوثي مرارا وتكرارا الألغام المضادة للأفراد والمركبات، والألغام المستحدثة يدويا أثناء انسحابها من مناطق عدن، تعز، مأرب، وعلى طول الساحل الغربي لليمن وهذه الألغام تهديدا للمدنيين بعد فترة طويلة من انتهاء النزاع”.
دوامة المعاناة مع الألغام واجهها بعض المدنيين اليمنيين بالفرار بحثتا عن بعض معاني الأمان في نواح من وطنهم، وآخرون رابطوا في مواقعهم على أمل الخلاص في ظل وجود بشائر الأمل في الفرج التي تكرس معانيه جهود الفرق الهندسية لنزع الألغام، التي تصل الليل بالنهار لنزع أكبر عدد من الألغام وتأمين عودة الناس إلى ديارهم وتشطب ملف اللجوء من سجل اليمنيين بحل عقدة الألغام.