الأخبار
آلام اليمنيين بسبب الألغام ومعاناتهم معها لا تحصى ولا تعد، فما فعلته فخاخ الموت المتفجر بأشقائنا في تلك الديار يندى له الجبين وتتداعى له القلوب والضمائر الحية ويصرخ من جوره صوت الانسانية الصادق ممزقا كل أسباب التخاذل والتجاهل حيال هذا الملف الانساني المحض.
قصص مأساوية سطرت أطوارها جرائم الألغام البشعة، طالت أفرادا وعائلات بالجملة، نذكر منها قصة عائلة المواطن محمد محمود ناصر عكيش، من أبناء مديرية حيس بمحافظة الحديدة، فهذه الأسرة نزحت من منطقة الدنين التابعة لحيس عقب إجبارهم من قبل الحوثيين على مغادرتها.
فالحوثيين بعد دخولهم منطقة الدنين أجبروا أهالي المنطقة بالقوة على مُغادرة بيوتهم ليتمكن مقاتليهم من الاحتماء بمنازل المدنيين، كما روى ذلك رب الأُسرة.
حيث بين رب الأسرة محمد عكيش الآتي “خرجت مجبرا مع أسرتي المكونة من 12 شخصا منهم 8 أطفال من المنزل على متن عربة متوسطة الحجم قاصدين مركز مديرية حيس وفي طريق النزوح انفجر بنا لغم حوثي أودى بحياة أم زوجتي وتعرضت زوجتي عائشة لإعاقة حركية أقعدتها بنصف جسد وتعرض طفلي مراد 7 أعوام أيضا لإعاقة أفقدته النطق وشلت حركته، فيما بقيت أفراد الأسرة تعرضوا لعدة إصابات تنوعت ما بين المتوسطة والخفيفة”.
أسرة عكيش، ليست الوحيدة المنكوبة بصنيع الألغام، فقصة الطفلة إيمان تفطر القلوب أيضا، ومصابها يلخص مأساة آلاف الضحايا في اليمن، حيث تسرد ملامحها تفاصيل حياة موجعة تتكرر في يوميات الموت والفقدان في الشارع اليمني المستباح بالألغام، فمأساة إيمان بدأت ذات يوم، وقد روتها لنا بعباراتها العفوية البريئة قائلة “بينما كنت خارجة من منزلنا صباحا انفجر بي لغم حوثي لأجد نفسي بعدها على سرير المستشفى وقد خسرتُ يدي وشظايا اللغم تملأ جسد”.
كما تعبر قصة أحمد جرى، حالة درامية بامتياز لأب لعشر أطفال، حيث حولته فخاخ الموت المتفجر من أب يعيل أسرته إلى عالة عليها، فبات يستند إلى بعض أطفاله لمشي بعض الخطوات بعد أن كان سندا معطاء لهم، وهو على هذه الحالة من العجز والحاجة منذ سنتين يترقب فرج الله وعونه وتعاطف القلوب الرحيمة معه.
ولا يعتبر حال اليمني مسعد ناجي أفضل من حال أحمد، فالألغام أفقدته صحته وعزوته في آن واحد، حيث خسر قوة بدنه وبعضا من أهله ومواشيه وبات يرى الحياة كتلة ملغومة من الشرور والمآسي.
وأمام هذه المآسي الموجعة، سعى مشروع مسام إلى الذود عن اليمنيين في محنتهم مع الألغام، من خلال أعمال النزع والإتلاف الميدانية والحملات التوعوية للناس للحد من عدد ضحايا الألغام.
وقد وجدت الحملات التوعوية لفرق مسام بمخاطر الألغام، تجاوبا مع الناس وحرصا على الأخذ بأسباب المعرفة وسبل الوقاية، وهو ما برهنت عليه البلاغات الميدانية بشأن وجود ألغام في مناطق متفرقة من اليمن.
ولعل من باكورات هذا العمل التوعوي الإنساني، قيام الفريق الـ24 مسام ومعه فريق الخبراء، بتكريم الطفل حبيب علي، من أبناء منطقة ذباب، لقيامه بإبلاغ الفريق الهندسي بوجود لغم أرضي من دون العبث به أو محاولة انتشاله، وهو تصرف أثبت مدى نجاح فرق مسام في توعية السكان المحليين بخطورة الألغام وعدم العبث بها وتبليغ الفرق الهندسية عن أي أجسام غريبة يتم العثور عليها.
كما أعلن مدير عام مشروع مسام السيد أسامة القصيبي أن فرق مسام نزعت منذ انطلاقة المشروع ولغاية يوم 16 أكتوبر 192 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
وهي خطوات واعدة على نهج دحر فخاخ الموت المتفجر التي لم تعرف الرحمة يوما، ولم تعالج أخطائها وجرائمها إلا بجرائم وأخطاء أكثر بشاعة.