الأخبار
خاض اليمن عبر تاريخه حروبا أهلية وغير أهلية وعاش أحداثا دامية لكن الانقلاب الحوثي كان أسوأها وأقساها على الإطلاق، إذ لم يعد الجوع والمرض والفقر والصراع الطائفي وحدها من تنهش اليمن، بل صارت تأكله أيضا نيران الأسلحة الفتاكة تتصدرها الألغام التي باتت تحاصر اليمنيين من كل حدب وصوب.
إن الضحايا الرئيسيين الذين طالتهم أخطار هذا القاتل القابع تحت الأرض لم يكونوا سوى مدنيين. هؤلاء هم من تعرضوا للقتل وفقدان الأطراف والتشوهات التي ستبقى تلازمهم مدى الحياة.
لقد أظهرت هذه الميليشيات وجهها القبيح بعد إصرارها على مواصلة زرع الألغام والعبوات الناسفة بشكل عشوائي وبكميات مهولة مركزة على المناطق التي يرتادها اليمنيون، ففخخت مناطق الرعي التي يقصدها البدو لرعي الإبل خلال موسم الأمطار بشكل كامل، ناهيك عن تلغيم المنازل والطرقات وآبار المياه والمستشفيات.
ولم تسلم من بطشهم حتى الصحراء التي حولوها إلى حقول ألغام على غرار الحقل الممتد من منطقة عرق أبو داعر إلى منطقة الهضبة بمديرية خب والشعف على مساحة بلغت أكثر من 37 كيلو مترا مربعا، أين طمر الحوثيون في كل متر لغما.
إرهاب الحوثيين تجاوز البر ومر إلى البحر، حيث تعرض عدد من الصيادين في السواحل الغربية لليمن لإصابات بليغة وبتر للأطراف جراء الألغام البحرية التي رمت بها العصابة الحوثية إلى سواحل البحر الأحمر، حرم على إثرها مئات الصيادين من ممارسة مهنة الصيد التي لا يجيدون غيرها، كما حصدت أرواح العشرات منهم.
هذه المأساة تسببت في هجران الصيادين للبحر. فالبحر الذي كان مصدر رزقهم بات مصدر موتهم ومعاناتهم.
وإيمانا بقدسية الحفاظ على الأرواح وصون كرامة النفس البشرية، يحاول مشروع مسام تخليص هذه البقاع المكروبة من الوباء الذي حل بها وتأمين حياة الناس.
وقد تمكنت فرقه الهندسية من إزالة ما يزيد عن 182 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة وذلك منذ انطلاق المشروع.
كما نفذ الفريق 30 مسام الخاص بجمع القذائف عملية إتلاف وتفجير لـ731 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة في مديرية باب المندب. وهذه العملية تعد رقم 79 للمشروع في الساحل الغربي باليمن.
حرب تخوضها فرق مسام ضد الوقت والألغام غير مبالية بالأخطار والصعوبات التي تواجهها، فقد سبق أن دفع عاملوها ثمنا لهذه المهمة الإنسانية النبيلة من أرواحهم وأجسادهم، لكن ذلك لم يثبط عزيمتهم ولم يثنيهم عن الاستمرار في إزالة علب الموت المختبئة في أرجاء اليمن عبر فرقهم الهندسية المنتشرة في 8 محافظات يمنية محررة.
تتزايد وتتكاثر الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات الحوثي الانقلابية كل يوم نتيجة صمت المجتمع الدولي المطبق. في حين ينتظر اليمنيون الخلاص من همجية هذه الفئة الإجرامية وقد وجدوا في مشروع مسام ضالتهم باعتباره يمثل أملهم للتخلص من عدو متخف يهاجمهم دون سابق إنذار.