الأخبار
غدت الألغام الأرضية أحد أبرز أسلحة الحوثيين التي تستهدف الأبرياء في الجبال والوديان والسهول وفي الأحياء السكنية. فلم تنسحب هذه الجماعة من منطقة إلا بعد أن توزع فيها بذورها الشيطانية وتجعلها منطقة منكوبة بمئات الألغام، وهو ما أسفر عن وقوع آلاف الضحايا لها الآن ومستقبلا بين قتلى ومصابين خاصة في ظل زراعتها دون خرائط، الأمر الذي يجعل إمكانية نزعها أو الوصول إليها صعبا للغاية.
ومع حلول موسم الأمطار، يداعب الشوق والحنين النازحين من الساحل الغربي إلى قراهم ومزارعهم ومراعيهم التي منعوا من العودة إليها، فخلال هذه الفترة يستريح رعاة هذه المناطق من عناء البحث عن الكلأ والماء، حيث تصبح الأرض كلها مراع خصبة ترتع فيها الأغنام بحرية، لكن ميليشيات الشر استحدثت تحت هذه الجنان التي تفتن عين الناظر جحيما يستعر في انتظار أن يلتهم ضحيته، فقد صارت كل طرق هذه المناطق تؤدي إلى الموت.
ولم يقتصر خطر الألغام في الساحل الغربي على الإنسان وحسب، لكن كان للحيوانات كذلك نصيب وافر، حيث نفقت الكثير من المواشي والإبل في حوادث ألغام متفرقة. إذ زرع الانقلابيون بذور حقدهم عمدا في المراعي والطرقات والحقول في مديريات الخوخه وحيس والدريهمي والتحيتا وبيت الفقيه.
ولقد فقد العديد من مربي الأغنام قطعانهم بسبب شبكة الألغام الحوثية التي طمرها لصوص الحياة تحت جناح الظلام. ومن يفعل ذلك غير شخص يعرف تماما أنه لا حق له هناك؟.
لقد حالت فخاخ الموت بين السكان وبين مزارعهم وحياتهم ورزقهم، إلى أن حلت أيادي العون لتنتشلهم من فكي الموت وتبعد عنهم شبح الهلاك. وهو ما بعث الأمل في نفوس المدنيين في غد أفضل سيسترجعون فيه حياتهم وأرضهم.
لقد استطاعت الفرق الهندسية الـ32 التابعة لمشروع مسام من إزالة 107006 ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة.. 107006 أرواح تم إنقاذها من الموت أو من خسارة أطرافها.
وهذه الفرق هم من أبناء اليمن منهم فرق ثابتة تتركز في المناطق التي ثبت وجود الألغام بها بدءا من الجوف مرورا بمأرب وشبوة وأبين وعدن وصولا للساحل الغربي، وأخرى متنقلة وظيفتها القيام بعمليات المسح بعد ورود معلومات عن وجود ألغام التي تكون عادة عن طريق الأهالي بعد حدوث انفجار، فإذا عثرت هذه الفرق على كمية قليلة فإنها تقوم بنزعها، أما إذا اكتشفت انتشار هذه الآفة على مساحة واسعة فإنه يتم تجهيز المنطقة لتضطلع فرق أخرى بمهمة إزالة الألغام، فيما تستمر فرق المسح في عملها قصد تحديد مواقع الألغام. ويمتلك المشروع فرق مسح من الجوف إلى الساحل الغربي.
وبسؤاله عن محاولة الحصول على خرائط للألغام من الأمم المتحدة، نفى مدير عام مشروع مسام السيد أسامة القصيبي أي تواصل رسمي مع أي جهة أممية في هذا المجال، مؤكدا أن هذا الطلب وجه إلى الشرعية في اليمن، لكن للأسف عجزت عن توفيرها لأنه لا يوجد خرائط يستدل بها عن مكان الألغام.
وأشار القصيبي خلال حديثه لبرنامج اليمن زلزال المريبين الذي يبث على تلفزيون دبي أن أكثر كثافة للألغام والعبوات الناسفة التي أصبح عددها يضاهي عدد الألغام توجد في الجوف وتعز والساحل الغربي.
أما فيما يتعلق بالصعوبات، فقد أكد أن فرق المشروع استطاعت أن تتغلب على معظم الإشكاليات دون أي ضجيج. لكن هناك الكثير من الأشواك التي مازالت تمثل حجرة عثرة مثل الهاجس الأمني والتنقل من منطقة إلى أخرى بسبب بعد المسافات وصعوبة التضاريس.
وأوضح القصيبي أن هدف مشروع مسام هو توفير بيئة آمنة للمواطن اليمني مؤكدا أن الفرق تعمل وفق خطة طوارئ، أي أن المشروع يستهدف الألغام المطمورة في المناطق السكنية أولا ثم في بقية المناطق البعيدة، فالهدف المباشر هو تأمين حياة الناس.
يذرف أهالي اليمن الدموع حزنا على وطن ضائع احتلت الألغام كل شبر فيه، وأصبح الموت يترصد أبناءه.. فلكل قرية مرت بها الميليشيات الحوثية حظا وافرا من الألم… لكن يبقى مشروع مسام بؤرة الضوء التي تبعث الأمل في نفوس اليمنيين للتخلص من علب الموت.