الأخبار
نامي على ظهر التراب صغيرتي وتصبري.. فالأم أعياها السهر
حتى يفور الماء في القدر الذي يغلي بلا قمح.. وليس به ثمر
غطي قليلا في السبات فربما يأتي أبا بكر بحلمك أو عمر
فإذا أتى الفاروق فابتسمي له وتحدثي بالحق عن ظلم البشر
هذا حال أطفال اليمن كما صوره قائل هذه الأبيات. إذ لخص المعاناة التي تتكبدها الطفولة هناك.
فالحياة لم تعد كما صورها لهم معلمهم في الصف، حيث العالم جميل والسماء زرقاء والعصافير المغردة بل صار الوضع رث وفظيع جدا، فصوت الانفجارات لا يهدأ، والجوع والعطش قد تمكنا منهم، والألغام تنهش أرواحهم وأجسادهم الصغيرة.
بالعادة يبحت الأطفال منذ ولادتهم عن السعادة والفرح واللهو والمرح. لكن حينما انتشر الموت المتفجر أصبحوا في اليمن يسعون للنجاة فقط. فبين الهرب من الموت والتمزق فيه، علت صرخاتهم وأناتهم.
في اليمن، يعيش المدنيون عموما والأطفال خصوصا أسوأ أزمة إنسانية عرفتها البشرية وذلك بسبب إجرام الميليشيات التي تخطت كل الحدود في سبيل الظفر بحفنة من المصالح الزائفة الضيقة.
فيكفي أن يخرج الفرد لشراء رغيف خبز لأبنائه حتى يأتيهم خبر صابته أو هلاكه، فيتبخر مشهد الأب الذي يحمل بين يديه خبز العائلة للغداء، ليحل مشهد دموي مروع آخر محله، فيه يحتضن الأب إن نجا رغيفا ملطخا بدمه بين أطرافه المقطعة.
إن تلويث الأرض اليمنية بالألغام كارثة إنسانية ستستمر لسنوات نتيجة الكم الهائل الذي زرعته ميليشيات من فخاخ الموت المتفجر واستمرارها في فعل ذلك بطرق عشوائية وبأشكال مختلفة.
لقد غدت هذه العلب القاتلة أحد أبرز أسلحة هذه الميليشيات التي تستهدف الأبرياء في الجبال والوديان وفي مناطق الرعي وفي الأحياء السكنية وحتى في عقر دارهم.
وقد عرفت عملية زراعة الألغام التي تنفذها هذه الميليشيات تطورا خطيرا، حيث كشف مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في اليمن، العميد الركن أمين العقيلي، أن الميليشيات تزرع ألغاما وعبوات ناسفة تعمل بالأشعة تحت الحمراء تنفجر بمجرد مرور أي جسم من أمام عدستها حتى وإن كان طفلا.
واقع مرير أثار حفيظة الشقيقة الكبرى “السعودية”، وتجسيدا لعمق أواصر الأخوة الموغلة في تاريخ وعمق علاقة الجوار الجغرافي، سارعت المملكة العربية السعودية إلى إنقاذ الشعب اليمني من مخالب هذه الألغام التي استوطنت أرض اليمن واستعبدت اليمنيين حتى غطى اللون الأحمر تربتها الزكية التي كانت تبحث عمن يرعاها ويخصبها لا من يحولها إلى مقابر تحتضن رفات أبنائها.
وترجمت هذه “الفزعة الأخوية”، بإرساء مشروع مسام الذي عمل ومازال على إزالة الألغام من المناطق المنكوبة بهذه الآفة، علاوة على تأهيل وتكوين خبرات يمنية لتضطلع بهذه المهمة فيما بعد.
وقد تمكنت الفرق الهندسية التابعة لهذا المشروع من نزع ما يزيد عن 220 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منذ انطلاق المشروع.