من لا يقرأ التاريخ جيدا ويتعلم منه طبيعي أنه سيصل ببلاده إلى حافة الهاوية بل إلى الانهيار التام في كافة مؤسساتها.
وهذا ما لا يطمح إليه الإنسان الذي يؤمن بأن وطنه هو أحق فيه من غيره ذلك الوطن الذي نشعر فيه بالدفء حتى إن كان ينام في العراء.
بيد أن جماعة الحوثي أبت أن تخرج من شرنقتها وأن تخلع تلك النظارات السوداء التي تقصر مدى رؤيتها بحيث لا ترى إلا ما حولها، ولا تتحرك إلا بدائرة ضيقة من التطلعات والمصالح.. وتحجب عنها بالمقابل رؤية المشهد اليمني بكليته وما آل إليه الحال اليمني بكل واقعه المؤسف والمؤلم بسبب عجرفتها وطغيانها.
إن الواقع الذي يريد هذا الفصيل فرضه على اليمنيين قسرا هو واقع مؤلم يسوده القتل والقمع والتجويع والتفجير والتفخيخ الذين صاروا من ثوابت الوجود الحوثي.
عشرات الحوادث تنغرز كالخنجر في قلوب أناس أبرياء سعوا للعودة إلى مدنهم ومزارعهم، وآخرين خرجوا للبحث عن لقمة العيش فالتقطهم الموت المتربص في حفر الطريق وفي الأماكن التي يرتادونها.
لقد أثبتت ميليشيات الحوثي أنها لا تحسن إلا فتح أبواب الموت في وجوه اليمنيين. لذلك آوت إلى تفخيخ الحاضر والمستقبل بعبوات الحقد وأدوات القتل بعد أن عجزت عن إحكام السيطرة على الأرض والثروة والممتلكات وخاصة الإرادة اليمنية.
الألغام والعبوات حرمت الآلاف من مزاولة نشاطاتهم وخاصة المزارعين الذين باتوا غير قادرين على الوصول إلى حقولهم. هذا وعمد الحوثي إلى دفن ألغامه ولصق عبواته الناسفة في زوايا البيوت، كما أن الطرق المؤدية إلى المدارس وآبار المياه ومناطق الرعي مفخخة بهذا الوباء المميت أيضا.
في اليمن المنكوب بالألغام تترامى أطراف حقول الهلاك المحقق مما يجعل كل خطوة محفوفة بالمخاطر ليصبح العيش في تلك الأماكن هاجسا مقلقا.
إن تلويث الأرض بالألغام كارثة إنسانية ستستمر لسنوات نتيجة الكم الهائل الذي زرعته العصابة الحوثية في اليمن واستمرارها في طمرها بطرق عشوائية وبأشكال مختلفة.
وبحسب المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن “مسام” فإن هناك كارثة حقيقية تنتظر هذا البلد ما لم يتم إيقاف جماعة الحوثي عن ممارسة أعمالها الإجرامية المخالفة لكل الأعراف والمواثيق.
وقد تمكنت الفرق الهندسية التابعة للمشروع من نزع الآلاف من تلك الألغام والعبوات الناسفة، وهي مستمرة في عمليات النزع والتطهير من أجل الحفاظ على سلامة الناس وإنقاذ حياة السكان وعابري السبيل إضافة إلى الحفاظ على سلامة الثروة الحيوانية التي تعتبر من أهم مصادر دخل الأسر في عديد المناطق.
وكانت غرفة عمليات “مسام” قد أعلنت أن فرق المشروع نزعت الأسبوع الماضي 2008 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة كما قامت بتطهير 288665 مترا مربعا من الأراضي اليمنية.
رغم الجهود الإنسانية التي تبذلها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلا أنها لم تستطع أن توقف الأزمة الإنسانية والصحية التي تتفاقم يوما بعد يوم خصوصا في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحوثي وذلك بسبب الصمت العالمي عن الجرائم التي ترتكبها تلك الميليشيات في حق الشعب اليمني الذي صار يلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة.