الأخبار

إن المشهد اليمني يزداد تعقيدا مع مرور الأيام، فقد أسقطت الانتهاكات الأخيرة القناع عن الميليشيات الحوثية وكشفت وجهها الدميم. لقد أصبح هذا البلد مليئا بالأشلاء والجثث، مليئا بالمشردين الذين دمرت منازلهم أو الذين شردوا قسرا، وصارت مستشفياته مكتظة بجميع الأمراض الوبائية وبالمصابين جراء الألغام.
أصبح قتل الناس سهلا وإراقة دمائهم مباحا؟.. إلى هذه الدرجة وصلت وحشية هذه الجماعة التي لم يسلم من بطشها لا بشر ولا حجر؟ هذه الأحداث تقودنا وجوبا إلى وصف حال اليمن بـ” اليمن التعيس “.
لقد اعتمدت الميليشيات الحوثية منذ انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014 استراتيجية ممنهجة في استخدام الألغام والمتفجرات بكافة أصنافها. فزراعة الألغام التي انفردت بها في اليمن جعلته من أكبر حقول الألغام على وجه الأرض، حيث زرعت أكثر من مليون لغم وعبوة ناسفة فخخت بها المدارس والجامعات والمستشفيات والأحياء السكنية والمساجد.. وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من الخسائر في الأرواح.
بصمة سوداء وضعتها هذه الجماعة على الأراضي اليمنية جعلت أرضه تقطر دما. لقد ارتكب هؤلاء الانقلابيون عديد الانتهاكات، لكن تبقى الألغام أشدها قسوة وأكثرها إيلاما نظرا لما تسببه من معاناة لأبناء اليمن، فهي إضافة إلى إزهاقها للأرواح وبترها للأطراف منعت الناس من مزاولة حياتهم، حيث حرمتهم من الوصول إلى مزارعهم عن طريق تفخيخ الطرقات أو تفخيخ المزارع التي صارت تطفو فوق طبقة من الألغام، علاوة على حرمانهم من آبار المياه ومن التنقل ومن بلوغ المستشفيات وحتى من العودة إلى ديارهم.
حالة مأساوية يعيشها الشعب اليمني نتيجة النفس الإجرامي لهذه الجماعة التي أرقت حاضرهم وتسللت إلى مستقبلهم بكل خبث باعتبار أن بذورها الشيطانية ستبقى كامنة في باطن الأرض تتربص بأبناء هذا البلد بكل صبر.
وضمن عمليات “إعادة الأمل” تقود السعودية جهودا كبيرة في مكافحة وإزالة الألغام الحوثية، وقد نجحت الفرق الميدانية التابعة لمشروع مسام منذ بداية شهر نوفمبر وحتى 14 منه من إزالة 3186 لغما وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة، 1658 منها تم نزعه خلال الأسبوع الثاني من هذا الشهر، ليبلغ ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع ولغاية 14 من شهر نوفمبر 105395.
وكان الفريق 13 لمشروع مسام قد نفذ عملية إتلاف وتفجير لـ600 لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة في منطقة اليتمة بمحافظة الجوف، وقع انتزاعها من عدد من المواقع المختلفة خلال الشهرين الماضيين.
وشملت 400 لغم أرضي مضاد للدروع و60 عبوة ناسفة و70 قذيفة غير منفجرة وعدد من قنابل الطيران المفخخة إضافة إلى عشرات الذخائر من مخلفات الحرب، هذا حسب تصريح خاص لمشرف الفرق العاملة في محافظة الجوف العقيد عامر البحري.
وبهذه العملية يكون الفريق 13 قد نفذ ثلاث عمليات إتلاف وتفجير لآلاف من الألغام والقذائف غير المنفجرة فيما تعد العملية رقم 12 لمشروع مسام في منطقة اليتمة وذلك لضمان عدم استخدامها من قبل أي طرف.
ويعمل المشروع السعودي بأربع فرق هندسية في المنطقة، استطاعت بفضل مجهوداتها تأمين العديد من المناطق الحيوية المتعلقة بحياة المدنيين بشكل أساسي.
ولكن رغم هذه المجهودات المتواصلة لانتشال اليمن من براثن الألغام والعبوات الناسفة التي مافتئت تبطش بالسكان إلا أن وقوع حوادث بسببها مازال متواترا وبصفة مستمرة، إذ لا يكاد يمر يوم دون وقوع ضحايا أو إصابات.
وهو ما حدث في مديرية المنصورة بالعاصمة المؤقتة عدن جنوبي اليمن، حيث هز انفجار عنيف ناجم عن عبوة ناسفة وسط المدينة، أسفر عن إصابة 3 مدنيين تم نقلهم إلى مستشفى قريب من مكان وقوع الحادث.
إن الحركة لم تعد متاحة كما السابق في شوارع المدن وأحيائها، حيث ضيقت هذه الجماعة الخناق على المواطنين وجعلت حياتهم أشبه بحياة عصفور سجين ينتظر الخلاص من هذه الفئة المارقة التي سرقت أمنهم وحياتهم وسعادتهم، آملين في استعادة وطن مختطف.