اليمن.. غائرة الخناجر في صدره، مكمم بالقهر فمه، المعذب بسوط المحتلين… يموت أبناؤه ببطء شديد بسبب انقلاب مدمر أكل كل شيء اليابس والطري حتى يخيل إليك أن اليمن يذوب وينتهي.
ففي الوقت الذي ولى الإعلام شطر وجهه لوباء كورونا نسي العالم أن هناك من يئن تحت وطأة حرب لم يكن هو سببها بل فرضت عليه وأطبقت ظلمتها على كل تفاصيل حياته.
فالميليشيات تسجل يوميا صفحة دموية جديدة في كتاب الإجرام… ضحاياها مدنيون رفضوا الانصياع لمشروعها التخريبي وانحازوا إلى خيارات الوطن. لذلك من لم يقتل برصاص هؤلاء السفاحين يموت بانفجار ألغامهم التي زرعوها لتكون وريثهم في إكمال مسيرة الموت وحصد الأرواح.
ولا توجد إحصائية دقيقة ورسمية لعدد الألغام التي زرعها الحوثيون. لكن التقديرات تؤكد أنها بالآلاف بالنظر إلى العدد الكبير لهذا العدو الرابض بين طيات الأرض الذي نزع والذي بلغ 236864 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة نزعتها فرق مشروع مسام.
ولم تتوقف مآسي الألغام عند الإنسان فقط بل تعدتها لتلحق أضرارا بالمزارع التي فقدت ما يزيد عن ثلثي محاصيلها حتى بات اليمن على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
يحضر الموت والخوف بقوة في المدن اليمنية أين تلاحق آلاف ألغام الحوثي سكانها. إذ تبدو تفاصيل مأساة مصائد الموت واضحة على أجساد أبناء اليمن بعد أن مزقت أطرافهم وتوزعت شظاياها على أجسامهم. فالعديد منهم عادوا إلى أهاليهم عاجزين من دون أطرافهم حبيسي كراسي متحركة.
لكن الكارثة العظمى تكمن في عدم وجود خرائط للألغام والمناطق المتضررة، كما لا يوجد حصر دقيق للضحايا والمصابين. لكن ماهو ثابت أن جل المناطق التي وصل إليها المتمردون باتت حقول ألغام ما يجعل مهمة إزالتها صعبة للغاية.
عشرات الحوادث تغرز فاجعة في قلوب أناس أبرياء سعوا للعودة لمدنهم وقراهم فالتقطهم الموت المتربص في حفر الطريق لتنسف حقهم في الحياة. لتواصل أعداد القتلى والمشوهين والمعاقين إرتفاعها.
لكن مشروع الخير مسام ينحت في الصخر ليرسم مسارا آمنا لليمنيين عبر تفكيك ألغام الحوثي التي غدت وحشا يبتر الآمال ويعصف بالأحلام.
طريق السلامة الذي تحاول المملكة العربية السعودية فرشه لأبناء اليمن من خلال سواعد فرق مسام دفعت ثمنه من وقت وجهد أناس آثروا هذا الهدف الإنساني على حياتهم الشخصية، هذا إضافة إلى الشهداء الذين خطوا ملحمة إنسانية بدمائهم الزكية.
وعلى الرغم من عمر المشروع القصير، فإن فرق مسام الهندسية المنتشرة في كافة المحافظات اليمنية المحررة تمكنت من تحقيق إنجازات نوعية وإنقاذ آلاف المدنيين من أكثر الأسلحة غدرا. هذه الفترة كانت كافية لتخليص اليمنيين من وحش غادر فتك بعدد منهم.
رغم هذه السموم الحوثية المنتشرة في الجسد اليمني والتي تشكل خطراً داهما على كل ما يدب على هذه الرقعة الجغرافية إلا أن خبراء مشروع مسام أبوا إلا أن يكون الدرع الذي سيحمي الأبرياء من هذا الوباء اللعين. إذ لطالما أكدوا أنهم لن يغادروا الأماكن التي دخلوها إلا بعد تأمينها بشكل كامل.