من شأن الظروف المعيشية لأبناء اليمن أن تجلب العار للبشرية. لا يوجد عذر لمثل هذا الوضع السوداوي في القرن الواحد والعشرين. هذه المعاناة كلها من صنع الإنسان فحصيلة سبع سنوات من الانقلاب مرعبة. لكن هل باتت الأرقام ومن خلفها القصص مهمة في واقع الأمر؟.
كان على تلك الأرقام أن تصدم العالم ليتخذ الإجراءات اللازمة لوقف ميليشيات الحوثي التي تمادت في استهداف المدنيين. هذه الاعتداءات تبعث برسائل مفادها رغبة الحوثيين في إطالة أمد انقلابهم.
ودفعت محافظات اليمن ثمنا باهظا لهذه الانتهاكات المروعة التي دأبت ميليشيا الحوثي على ارتكابها بما كبد السكان أوجاعا وآلاما لا تعرف السكون. لكن تبقى كارثة الألغام الأكثر أذية وسطوة باعتبارها تمثل المهدد الأول للأمن والحياة.
هذا الفصيل يملك باعا طويلا في ارتكاب الجرائم والتفنن فيها وذلك ضمن مؤامرة حوثية مفضوحة ترمي بشكل واضح إلى توسيع نفوذ هذه الجماعة الإرهابية ومن بعدها حليفتها بقوة سلاحها الغادر الذي عملت على توزيعه بسخاء على كامل الرقعة الجغرافية اليمنية.
هذه الجماعة نخرت اليمن وقتلت شعبه ودمرت مؤسساته. لقد حاصرت الشعب اليمني وطوقته بأسوار الإرهاب والمهانة والتنكيل والجوع والفقر. كما انتهكت كل الأعراف الدينية والأخلاقية والقانونية فقتلت الآلاف وشردت الملايين.
ألغام حقدها لم تتورع عن اصطياد كل ما يدب على تلك الأرض. وقد حظيت الطفولة بالنصيب الأوفر من ذاك الأذى باعتبارها الحلقة الأضعف حيث يسهل وقوعها في فخ السفاح المتخفي على شكل ألعاب أو أحجار ملونة.
زراعة الموت مزقت أوصال البلد وجعلته يجثو فوق فوهة بركان، بعد أن تفننت في طمر صناديق القتل بكثافة إذ أن المسافة الهامشية بين لغم وآخر تتراوح بين 20 و30 سنتمترا مما حول المناطق السكنية والطرقات إلى حقول ألغام مفتوحة تنهش لحم كل من يقترب منها وتزرع الخوف والحزن في قلوب المهجرين عنوة من ديارهم.
شغف الحوثي بزراعة الألغام قابلته جهود فرق مسام التي وقفت سدا منيعا أمام أطماع الميليشيات وطموحاتها. وقد أثبتت الإنجازات التي ما فتئت تحققها منذ بدء عملها على أنها ماضية في تحدي هذه الجماعة الإرهابية إلى أن تخلص اليمن من الوباء الذي بلي به.
لقد بين عاملو مسام أنهم رغم العقبات والمخاطر التي تحيط بهم من كل اتجاه، يرون الضوء في نهاية النفق الذي تحفره أناملهم بتفان لأنهم مؤمنون بأن هذه الجماعة مآلها الزوال وأن الحياة والأمن حق لكل إنسان.
بفضل هذا الإيمان، استطاعت فرق مسام منذ بداية الشهر ولغاية 18 منه إزالة 4926 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة إضافة إلى تطهير 838127 مترا مربعا من الأراضي اليمنية.
تكثر الألغام ومخلفات الذخائر غير المنفجرة في مساحات واسعة من اليمن مما تسبب في سقوط ضحايا مرارا. لكن رغم تعدد المآسي مازال العالم يغط في نوم عميق مديرا ظهره لهذا الشعب الذي بات يتنفس بصعوبة.