الأخبار
يمكن أن نسميه “بعد الزوال” أو “شمس يوم التحرير” أو “اليمن ما بعد الانقلاب”، أيا كان الإطار الزماني الذي سيتصدر عناوين الصحف سيظل هو الهدف الأولى بوعي وعمل جميع الجهات والأطراف.
أن يتعافى اليمن من هذا الانقلاب ليس بالأمر الجديد، فقد سبق له الخروج من أزمات سابقة. ولكن الجديد هو شكل هذا البلد بعد إزاحة هذه الجماعة الإرهابية والذي نستطيع أن نجزم بأن ما بعده لن يكون كما قبله.
أن تنهزم الميليشيات الحوثية كما انهزم سابقيها أمام صمود الشعب اليمني ليس بالأمر الجلل الذي يثير الدهشة فهو ليس الأول في تاريخ اليمن.. لكن فداحة الخراب الذي أحدثته هو الجدير بالدهشة والتأمل. فقد أهلكت هذه الجماعة الحرث والنسل، إذ باتت عازمة على دفع البلاد نحو سيناريو مخيف أكثر من أي وقت مضى.
لقد سعى هؤلاء المتمردون للتفرد بالسلطة وتحويل الدولة إلى إقطاعية لميليشياتهم من خلال استعمال ترسانتهم العسكرية وفرض إجراءات قمعية للهيمنة وإرضاخ الشعب لسلطتهم والاعتماد على الألغام كأداة رئيسية لتحقيق مآربهم وأطماعهم.
لقد ازداد الأمر قتامة بسبب النفس الإجرامي الذي تحمله هذه الجماعة، إذ لم تتوقف عن مواصلة الحفر وطمر علب موتها في طريق اليمنيين حتى بعد وصول الأوضاع إلى منزلق خطير، مما يدل على أن هدفها هو تدمير هذه الدولة كليا.
صارت الألغام مشكلة رئيسية تهدد حاضر اليمنيين ومستقبلهم فهم المتضرر الأول منها بسبب تعمد الحوثيين زراعتها في كل ما هو مرتبط بحياتهم من مساكن وطرقات ومزارع وحتى المدارس والجامعات وآبار المياه.
لقد حاولت الميليشيات الحوثية رسم الألم والجراح على وجوه وأجساد الشعب اليمني عبر قاتلها المستتر المتواري في كل شبر من الأراضي التي مروا منها. في المقابل هناك من يسعى إلى إعادة البسمة والأمل إلى هذه الوجوه الكالحة التي أنهكتها 6 سنوات عبر مشروع إنساني بحت أبى إلا أن يقف سدا منيعا أمام مخطط إرهابي تدميري لبلد وشعب لم يرتكبا أي ذنب سوى أنهما حلما بإعادة ترتيب بيتهما الداخلي.
لقد مثل مشروع مسام طوق نجاة لليمنيين من خطر يتهدد حياتهم حاضرا ومستقبلا. وبالفعل تمكنت فرقه الهندسية خلال الأسبوع الرابع من شهر يوليو من إزالة 1186 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة لترتفع حصيلة ما تم نزعه منذ 30 يونيو ولغاية 24 يوليو الجاري إلى 4579. بالتالي وصل إجمالي ما أزاله مسام منذ بداية المشروع ولغاية 24 من الشهر الجاري إلى 176310 ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوة ناسفة. هذا الإنجاز إن دل على شيء فهو يدل على المجهود الكبير الذي تبذله فرق مسام الهندسية التي سخرت كامل وسائلها البشرية والمادية لإزالة الأشواك التي أدمت أجساد اليمنيين وأزهقت أرواحهم دون شفقة أو رحمة.
ستمر السنوات وسيتمكن اليمن من لملمة جراحه التي سببتها له أيادي الشر الحوثية، لكن ستبقى ذكرى أليمة محفورة في الذاكرة اليمنية كلما نظروا إلى أجساد أبنائهم.