الأخبار
أي عاقل يبيع تاريخا ضاربا في العراقة وجغرافيا متميزة وشعبا عرف بجنحه للسلم للموت؟ ويعطيه لقمة سائغة لأطماع أطراف أخرى ظنا منه أن عرشه سيكون بأمان مع بلد مضطرب تنهشه الأزمات من كل ناحية؟. إن من يريد الحفاظ على اليمن لا يمكنه هذا وهو يقلب المشهد رأسا على عقب ويصنع من واقعه معادلات عسكرية مدمرة.
لطالما رفعت هذه الميليشيات الإرهابية شعارات زائفة لمراوغة المجتمع الدولي الذي صار يدرك حقيقتها. لم يعد هناك مجال للشك أن هذه الجماعة الحاملة لفكر متطرف تريد أن تجعل من اليمن مسرحا لأعمالها الإجرامية وأفعالها اللاإنسانية التي ألحقت أضرارا جسيمة باليمن وحتى بدول الجوار التي مدت المساعدة لهذا البلد الذي يغرق يوما بعد يوم في مستنقع هذا التنظيم.
إن ميليشيات الحوثي المسنودة بداعميها الإقليميين تنخر اليمن وتقتل شعبه وتدمر مؤسساته وتعربد بأسلحتها وخاصة الألغام التي ما فتئت تنشرها في كل مكان، والتي تسببت في قتل وتشويه آلاف المواطنين وتعطيل الحياة في المناطق المتضررة عدا عن كونها ستشكل تهديدا للمدنيين حتى بعد انتهاء هذا الإنقلاب المشؤوم بوقت طويل.
لقد دأبت قوات الحوثي على خرق الحظر المفروض على استخدام الألغام الأرضية على حساب المدنيين اليمنيين. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد أكدت على ذلك مشيرة إلى أن هذه الجماعة تنتهك قوانين الحرب وأنها بصدد إرتكاب جرائم حرب.
واقتصر استعمال الألغام على ميليشيات الحوثي بشكل حصري، إذ تشير التقارير إلى أن هناك أكثر من مليوني لغم أرضي طمره الحوثي في 18 محافظة تقريبا مختلفة الأنواع. هذا وقد تم إدخال تعديلات على الألغام المضادة للمركبات لتصبح ألغاما فردية تنفجر مع أقل وزن.
وسط هذه الغابات الكاملة من الألغام، يلاقي اليمنيون الموت والإصابة في كل خطوة. هؤلاء القابضون على جمر الحوثي من مصابين وأسر الضحايا لم يرتكبوا أي جرم، هم فقط ذهبوا للبحث عن الرزق الحلال أو لقضاء شؤونهم فاصطادتهم ألغام الحوثيين العشوائية في الحقول والطرقات ولاحقتهم في مراكب الصيد.
ولاستعادة حرية وكرامة الإنسان اليمني، تسعى فرق مسام إلى تخليص اليمنيين من عربدة الحوثيين الذين رهنوا مواقفهم وسيادة شعبهم لأطراف خارجية. وقد قدم عدد من عاملي المشروع أرواحهم من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل.
ويلعب مشروع مسام دورا إنسانيا كبيرا في عملية نزع الألغام من الأراضي اليمنية حيث يقدم دورا رئيسيا في تصفية الأراضي اليمنية وتطهيرها من علب الموت عبر خطط وبرامج حديثة، إذ يمثل طوق نجاة لملايين اليمنيين من الخطر الذي يتهدد حياتهم حاضرا ومستقبلا.
وقد تمكنت فرقه الهندسية خلال الفترة الممتدة من 29 أغسطس الماضي ولغاية 18 سبتمبر الحالي من نزع 4317 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منها 1464 خلال الأسبوع الثالث من شهر سبتمبر لترتفع حصيلة ما وقع إزالته منذ انطلاق المشروع ولغاية 18 سبتمبر إلى 186545 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة ولتتسع رقعة الأراضي المطهرة خلال ذات الفترة إلى 14.496.478 مترا مربعا.
إن الجهود التي يبذلها مشروع مسام كبيرة لكنها تظل غير كافية خاصة في ظل استمرار ميليشيات الحوثي في زراعة الألغام. لذلك وجب على المجتمع الدولي الضغط على هذه الجماعة لتسلم الخرائط والوثائق الدالة على مكان هذا القاتل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.