الأخبار

آلام ومعاناة الناس مستمرة في بلد انقطعت فيه كل سبل الحياة لكن سبل الموت متجددة ومتعددة. بلد تقتات جماعة انقلابية على معاناة شعب، في بلد يموت شبابه هدرا ويموت أطفاله في المنازل جوعا، وتجتث براءتهم بنيران الغدر وألغام الحقد.. في بلد دمر حاضره وقضي على مستقبله، في بلد يموت فيه الصغار يوميا بسبب حماقة ميليشيات إرهابية.
ففي ظل عبث الحوثيين وانعدام أي مشروع سياسي واضح لديهم تبدو آفاق التوصل إلى حل ينهي المعاناة المستمرة في اليمن، منذ ستة أعوام، ضيقة.
كما تسير الأمور نحو مزيد التأزم يوميا حيث تصر الميليشيات على الاستمرار في انقلابها الذي لم يجلب معه سوى الخراب والموت، إذ أن هذه الميليشيات لا تحترم القانون الدولي ولا المجتمع الدولي ولا تحترم حقوق الإنسان.
لقد تمادت هذه الجماعة المتمردة في الهجوم خارقة كل الاتفاقات التي التزمت بها الحكومة اليمنية والقوات المشتركة، بينما استغلت هي هذه الالتزامات لتدمر البنى التحتية وتحفز الخنادق وتلغم الطرقات والأشجار والأحجار بل وصلت لتلغيم الحيوانات التي تعبر إلى مناطق سيطرة الحكومة.
يعاني الناس في اليمن من الانتشار الواسع للألغام، ففي المناطق التي تضررت بشكل كبير تصبح كل خطوة خطرا لا يمكن تقدير حجمه، إذ أن مجرد الخوف من الألغام الأرضية والفخاخ المتفجرة والذخائر غير المنفجرة يضر بحياة مجتمع بأكمله على نحو دائم، حيث لا يوجد في كثير من الأحيان علامات تحدد أماكن المناطق الملوثة ومدى اتساعها، وللأسف الحوادث فقط هي التي تشير إلى الخطر الذي يكمن متربصا في الأرض. هذا إضافة إلى ازدياد تهديد العبوات الناسفة بشكل كبير.
لقد وزعت الميليشيات الحوثية الفخاخ المتفجرة بكثرة مما جعلها تمثل خطراً قاتلا على حياة السكان سواء كانت مخبأة في علب الأرز أو داخل لعب الأطفال.. فالأشياء اليومية التي كانت غير مؤذية سابقا أصبحت على ما يبدو فخاخا مميتة.
منذ عقود والألغام الأرضية تهدد اليمنيين، غير أن الجديد هو مدى الاستخدام الكبير لها وزراعتها في المناطق السكنية وفي كل الأماكن المرتبطة بحياة الناس.
هذه الاستراتيجية الغادرة تؤدي من ناحية إلى خسائر بشرية هائلة وتمنع من ناحية أخرى وصول المساعدات الإنسانية إلى حيث تكون الحاجة ملحة، بالتالي فإن إزالة الألغام والفخاخ المتفجرة يعد شرطا مسبقا ومهما لبداية بناء هذا البلد.
ما يعانيه اليمن وأد لكل مظاهر الحياة وتنكيل بأبنائه، دفع جارته إلى مساندته في محنته وإزالة ما من شأنه أن ينغص حياة شعبه.
وقد كان مشروع مسام الدرع الذي أرسلته إلى الأراضي اليمنية ليقيها شر الألغام، الأمر الذي أثلج صدور اليمنيين وجعلهم يحلمون بغد أفضل.
وفعلا حققت الفرق الهندسية التابعة للمشروع إنجازات جد إيجابية، حيث أزالت 200.000 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة كما تمكنت من تطهير 16.419.688 مترا مربعا من الأراضي اليمنية.
بفضل هذه الجهود المبذولة من قبل عاملي مسام، تم فك الحصار على عدة أماكن وعادت الحياة إلى مناطق أخرى بعد أن كانت هامدة.
إن الألغام كارثة ألمت بأرض وشعب لم يرتكب أي ذنب سوى أنه حلم بأن يؤسس دولة مدنية ديمقراطية ينعم مواطنوها بالأمن وتكفل له حقوقه وحرياته، ليفاجأ في وقت لاحق بجماعة انقلابية انتهزت الوضع لتنقض على سلطة ليست من حقها.