الأخبار
طبيعة أهل تهامة الممتدة في محاذاة الساحل الغربي، والمعروفة بنزعتها للسلم والأمن على مر السنين في اليمن، حيث عرفت بأكثر المناطق استقرارا وهدوء فيها وتجنبا للسجالات السياسية. وقد عرف أهلها بعيشهم من أجل خدمة الأرض والصيد. فكل ذلك لم يشفع لهم أمام إصرار المليشيات على جر اليمن برمتها لمربع النار، ولم تكن تهامة استثناء في خارطة العبث الحوثية، حيث زج بهذه المنطقة وأهلها أيضا في مكيدة العنف، فابتليت تهامة بما ابتلي به كل اليمن من سطوة الألغام.
فسياسة زرع الألغام ونشرها عشوائيا في المناطق المأهولة بالسكان، أسلوب لازم المليشيات منذ انقلابهم، ومارستها في كل منطقة كانت وطأتها أقدامها، وبسببها قتلت وأعاقت آلاف اليمنيين وما تزال تهدد الملايين منهم مع استمرارها بزرع فخاخ الموت على نحو مضطرد.
الساحل الغربي من باب المندب إلى مشارف الحديدة تحديدا، كان أكبر المسارح التي نثرت المليشيات فيها الألغام، وهذا التهديد الخطير يقتل العشرات من الأبرياء هناك، ويسبب الكثير من العوائق أمام أبناء تهامة ومهامهم التي يرغبون في العودة إليها مجددا مثل الزراعة، والصيد.
وقد سجل أكتوبر الجاري العديد من جرائم مليشيا الحوثي من مخلفات ما زرعته من الألغام في مناطق تهامة بالساحل الغربي، ففي العاشر من أكتوبر انفجر لغم في إحدى المزارع بمنطقة يختل أسفر عن استشهاد شقيقين.
فبعد أن أنهى الشقيقان عملهما في إحدى المزارع القريبة، ركبا دراجتهما النارية، وفي طريق عودتهما لم يكونا يعلمان أن لغما سيكون سببا في مغادرتهما الحياة تاركين حسرة وألما في قلوب أهلهم.
وفي 15 من نفس الشهر، قتل 7 مدنيين وأصيب آخرون، في ضواحي مدينة التحيتا بالساحل الغربي، بانفجار شبكة ألغام من مخلفات ما زرعته مليشيات الانقلاب الإرهابية.
كما شهدت منطقة غرب بيت الفقيه، حادثة إصابة 4 أطفال، ثلاثة منهم من أسرة واحدة، نتيجة انفجار جسم مشبوه وجدوه على الطريق وحاولوا أخذه معهم، لينفجر بهم ويسفر عن إصابتهم جميعا. وتباعا قتل مواطن يوم الخميس الماضي، وأصيب 5 أشخاص بانفجار لغم حوثي بمنطقة عرفان بمفرق دهمش جنوبي مدينة حيس بالحديدة.
مقابل هذا الوضع المأساوي لا تفتر جهود فرق مسام الهندسية في سباق نزع آلاف الألغام، وقد نزعت حتى الآن آلاف، وتمكن بفضل ذلك عدد هام من السكان والمزارعين من العودة إلى منازلهم ومزارعهم لممارسة حياتهم المألوفة، لكن تحدي إزالة بقية الألغام المنتشرة بالآلاف في كل ربوع اليمن مازال يقض مضاجع الساهرين على تخليص اليمن من هذا الكابوس الذي مازال يطبق على حنجرة اليمن واليمنيين.