في عالم يموج بالجائحات، وجد اليمن نفسه في مواجهة جائحة الحوثي العنصرية على احتلال هذا البلد لإقامة إمارتها الكهنوتية تحت رعاية حليفتها.
لقد تفشت فيروسات كثيرة في هذا الوطن: فيروس الحوثي وفيروس حلفائه وفيروس السجون وفيروس الألغام وفيروس الجوع وفيروس الفقر وفيروس التأسلم السياسي… هذا حال اليمن المحتل مع هذه المافيا التي انتهكت الحرمات وهتكت الأعراض وأراقت الدماء وأفسدت الأرض.
إن انقلاب الحوثي واختطافه لليمن مع أكثر من 28 مليون يمني وجر الويلات على شعب ومحاولة إقامة إمارة حوثية إرهابية هي الكارثة الحقيقية في تاريخ اليمن الحديث.
ولإحكام قبضتها على الأهالي، ارتأت هذه الجماعة في الألغام وسيلتها المثلى لإنجاز هذه المهمة وأوكلت إليها وظيفة السفاح التي أنجزتها بامتياز.
لطالما كانت الألغام أهم الأسلحة الحوثية التي يعتمدون عليها في حربهم ضد الدولة. فقد عرفوا باهتمامهم الكبير بحيازة الألغام وتفننهم في صناعتها بمختلف الأنواع والأحجام. ورغم انسحاب عناصر الميليشيات من عدة مناطق وتوقف الصراع فيها إلا أن الألغام مازالت تحاصر متساكنيها وتخنقهم من كل اتجاه.
لقد باتت المناطق اليمنية مصابة بلعنة الألغام الحوثية على غرار تعز ومأرب والبيضاء وصنعاء والحديدة وصعدة وعدن ولحج والضالع… كلها موبوءة بعلب الموت.
الانقلابيون حاصروا الشعب اليمني وطوقوه بأسوار الإرهاب والذل والمهانة، منتهكين كل الأعراف الدينية والأخلاقية والقانونية فقتلوا الآلاف وشردوا الملايين.
لكن ما يحزن القلب أن هؤلاء المجرمين اقتحموا عالم الطفولة والبراءة فزرعوا في جوف الألعاب ألغاما ليقع الأطفال في الشرك وتتحول أجسادهم الغضة إلى أشلاء تحتضنها أرض بلدهم بعد أن تلاعب بها سلاح الحوثيين.
في اليمن صار الآلاف في قائمة القتلى بسبب الألغام فقط فيما أصبح آخرون فاقدين لجزء من أجسادهم حيث باتوا عاجزين عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
نتيجة النزعة الشيطانية التي اجتاحت قلوب الحوثيين قيادات وأفرادا ورغبتهم الجامحة في القضاء على الحياة، عمت علب الموت اليمن بشكل عام فسرقت الأحلام وسلبت الابتسامة ودمرت الحاضر والمستقبل.
وإدراكا منها لخطورة الوضع، تسارع فرق مسام لتأمين حياة الناس من شر هذه الكارثة حتى لا يقعوا فريسة لهذه الآفة اللعينة أو على الأقل التقليل من عدد ضحاياها. وقد استطاعت فعلا تطهير عديد المناطق وإعادة الحياة لها بعد أن ظلت جامدة لشهور.
لقد تمكن مشروع مسام منذ انطلاقه ولغاية الآن من إزالة 230592 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منها 1495 خلال الأسبوع الماضي.
أكثر من450 شخصا يعملون في المشروع داخل اليمن واضعين نصب أعينهم هدف واحد والذي وضعوه شعارا للمشروع “حياة بلا ألغام”. مسار آمن عبدوه عبر تفكيك شبكات الألغام التي وضعتها أيادي الحقد.
لا يخفى على أحد الإنجازات التي حققها مسام خلال رحلة إنقاذ اليمن وشعبه التي يخوضها أفراده يوميا غير عابئين بالمخاطر التي تحف هذه المهمة. لكن يبقى أن تجد هذه الجهود الدعم اللازم من المجتمع الدولي حتى يتمكن اليمن من الشفاء.