تسببت الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في وقوع الآلاف من الضحايا في صفوف المدنيين منذ بداية النزاع ومن بينهم العديد من الأطفال، حيث قدرت تقارير حقوقية أن عدد الألغام متعددة الأغراض التي زرعتها ميليشيا الحوثي في مختلف المناطق التي سيطرت عليها قبل دحرها منها يزيد عن مليوني لغم، وهو ما يجعل من فتكها بالأبرياء أشرس وأوسع.
وفي هذا السياق قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية لحقوق الإنسان، إن استخدام ميليشيا الحوثي للألغام الأرضية المضادة للأفراد يرقى إلى جرائم الحرب وهو ما يعد انتهاكا جسيما لاتفاقية حظر الألغام عام 97.
ولم يسلم من فتك الألغام صغير ولا كبير، فالكل مستهدف بشرها ومشمول بعذابات دون أي تميز، فزكريا من أطفال منطقة قطابة بمديرية الخوخة التابعة لمحافظة الحديدة، وقد أخذته والدته وبرفقتها عدد من جيرانها لحضور عرس في قرية مجاورة لهم، وفي طريق ذهابهم انفجر لغم أرضي بالسيارة التي تقلهم لتحول فرحتهم إلى مأساة إنسانية مرعبة.
أما أمينة إبراهيم، من أبناء مديرية الحنيشية إحدى مديريات محافظة تعز، فهى ضحية أخرى تضاف إلى سجل جرائم الألغام بحق النساء في اليمن، وقد روت أمينة مأساتها قائلة “في أحد الصباحات البائسة والتي غيرت حياتي رأسا على عقب خرجت أرعى الأغنام، في ضواحي القرية، وبينما كنت أمشي بعد أغنامي انفجر بي لغم ليقذف بي على الأرض وقد فقد الوعي من شدة الألم، ولم استيقظ بعدها إلا في المستشفى بقدم مبتورة بعد أن تسبب اللغم بتهشيم وأخذ أجزاء من قدمي اليمنى ما دفع الأطباء لبترها، لأعود إلى منزلي بعد أيام مبتورة القدم.
وعن المأساة التي خلفتها الألغام في حياة أمينة تقول أمينة “بعد أن عدتُ إلى البيت بقيتِ طريحة الفراش، لا أقوى على الذهاب لرعي الأغنام، أو تجميع الحطب، فكلها أعمال لا أقوى عليها بقدم واحدة.. ولم يقتصر الأمر على رعي الأغنام، وتجميع الحطب فقط، بل أن عملي على ماكينة الخياطة التي كنت أعيل بهآ أسرتي، هي الأخرى لم أعد أقدر على العمل عليها كونها تطلب تحرك عجلتها بقدمين ومن الصعب أن أعمل حاليا عليها بقدم واحدة، لذا فقد حرمتني الألغام من مصدر رزقي الأساسي”.
كما عاش نظمي مصلح، وهو من سكان منطقة كرش في محافظة لحج جنوب اليمن، مأساة أخرى مع الألغام حيث قال “أعيش في قرية تسمى كهلان بالقرب من جبال البكر، حيث تم زرع كميات كبيرة من الألغام الأرضية في مداخل وطرق الوادي. تسببت انفجارات الألغام الأرضية في إلحاق أضرار بالمدنيين والأغنام والجمال وكذلك المزارعين. جُرف أحد الألغام بسبب الأمطار الغزيرة، وتم استدعاء فرق مشروع مسام لتمشيط حقول الألغام في جبال البكر ومداخل الوادي إلى جانب الأماكن الأخرى التي زرعت فيها الألغام بشكل عشوائي”.
وشملت عذابات الإرهاب المدفون تحت الأرض في اليمن، فاطمة إبراهيم حيث قالت “كنا هاربين من منزلنا في الخوخة بسبب قصف الحوثيين للمنازل بالقذائف والصواريخ.. وأثناء خروجنا انفجر بِنا لغم زرعته ميليشيا الحوثي على قارعة الطريق ما تسبب في مقتل 4 نساء من اسرتي وتعرضت أنا وابني الى عدة كسور”.