الأخبار
عندما تقول الحكومة اليمنية إنها تحتاج على الأقل 10 سنوات لإزالة الألغام الحوثية وتطهير اليمن من زحفها، فهذه المدة ترسم تصورا واسعا وواضحا لمقدار مصاب اليمن واليمنيين من طاعون فخاخ الموت التي أرادتها المليشيات أن تكون عقابا جماعيا طويل الأنفاس لأهل تلك الديار الذين رفضوا الخنوع والخضوع لمخططات تسلبهم وطنهم وتسلم أمنهم وأمجادهم إلى جماعات تدين بالولاء لمن باعوا الدار والديار مقابل حفنة من الإيديولوجيات الشيطانية البائسة، ووعود سلطوية لا يملك فتيلها حتى من رسموا للمتواطئين على وطنهم، هذا الحلم الزئبقي الزائف.
لكن هذه المدة التي يحتاجها اليمن لخلع قيد الألغام عنه وكسره ومغادرة وكره المميت، تضعنا في صلب الدراما المنبثقة عن هول الأعداد الجنونية للألغام التي زرعتها هذه الميلشيات برا، بحرا، في الصحاري، الحارات، على السواحل، في الحجر، السهول، الوديان، الجبال.. في الألعاب والبيوت والثلاجات والمعلبات، بل وزرعت ألغاما مضاعفة على طبقات متراصة حتى تحقق غايتها في التقتيل وفي جعل عداد الموت لا يلتقط أنفاسه البتة في اليمن.
في اليمن المسكون بالألغام، الكل مستهدف، العامة بكل أجناسهم، الجنود، فرق الإغاثة الإنسانية والفرق الهندسية لنزع الألغام، الدواب وكل شيء متحرك هو فريسة للألغام المتعطشة للدم إلى أبعد الحدود.
واقع صعب للغاية وقصص في غاية المأساوية، فإما مآلها الموت والحزن والحسرة وإما البقاء على نهج الموت البطيء بأطراف مقطوعة وعاهات دائمة، فاليوم باتت مشاهد الناس بأطراف اصطناعية أو دونها هناك مألوفة للغاية وبكثرة.
حتى الأطفال في تلك الربوع باتوا يعرفون أن الأرض التي يخطون عليها قد تخفي في أي لحظة قبرا لهم أو لأحلامهم ومستقبلهم.
أما الكبار فقد أترعت قلوبهم ألما على مشاهد عاشوا تفاصيلها ورعبها ولوعتها واستكانوا لقدر لا يستطعون مواجهته إلا بكلمة صمود واحدة مفادها “الحمد الله”.
الواقع في اليمن اليوم صعب للغاية، والمطلوب من العالم بأسره هبة صادقة وإنسانية على خطى مشروع مسام لنزع الألغام لتخليص اليمن من خطرها، فمسام قدم ولازال يقدم لليمن الكثير من المثابرة والتفاني وضحى ولا زال من أجل ايصال هذا البلد الشقيق إلى ضفاف الأمان التام.
فمسام نزع عددا هائلا من الألغام حتى اليوم، وفقد عنصرا من طاقمه فداءا لهذا الهدف الإنساني النبيل، هو ما يمثل دليلا صارخا على صدق ونبل هذا المشروع السعودي المعطاء لنزع الألغام في اليمن.
ويبقى عزاؤنا هذه المشاريع النبيلة وعلى رأسها مسام وتظافره مع الجهود الوطنية اليمنية لنزع الألغام وأمل الناس في غد أفضل وصبرهم على مصابهم الجلل وسعينا الدؤوب إلى دعوة أولي العزم والشهامة والمروءة والضمائر اليقظة والمنظمات العالمية إلى وقوف وقفة رجل واحد في اليمن لدحر الألغام في مهدها وتقليص سنوات العذابات والويلات والوفيات بسببها.