الأخبار
منطق الفوضى واستباحة الدماء واللامبالاة تجاه كل أشكال الحياة والسعي إلى احتكار السلطة أثبتته الأحداث التي مر بها اليمن منذ سبتمبر 2014 حتى اليوم.
فالانقلابيون مارسوا كل أساليب القتل والتدمير ليرسموا صورة لانتصارات وهمية التي باتت مكشوفة حتى لدى مناصريهم.
الواقع الذي يعيشه الشعب اليمني بات صعبا للغاية نتيجة لعوامل عدة تأتي في مقدمتها انتشار الألغام التي صارت تنبؤ بكارثة حقيقية. ويوضح تحليل منظمة “كير” عن نوع الجنس والنزاع في محافظتي تعز وعدن، الصادر في سبتمبر 2019، أن أهم خمسة مخاوف تنتاب اليمنيين هي: صعوبات الحصول على عمل، وعدم الحصول على دخل كاف لتغطية الاحتياجات الأساسية، وعدم معرفة كيفية الحصول على المساعدة، وعدم القدرة على التحرك عبر مناطق الصراع وعدم القدرة على التحرك بأمان دون الخوف على السلامة في الملاجئ الجماعية أو داخل مناطق المجتمع المضيف.
وإذا بحثنا في أسباب هذه المخاوف ستحيلنا وجوبا إلى الألغام التي لطالما مثلت حجرة عثرة أمام المدنيين. إذ أكدت التقارير الصادرة عن عدة منظمات أن الألغام الأرضية التي زرعتها الميليشيات الحوثية في جميع أنحاء اليمن تواصل الإضرار بالمدنيين وسبل عيشهم، كما أعاقت قدرات عمال الإغاثة للوصول إلى المجتمعات الضعيفة مشيرة إلى أن الألغام المنتشرة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرق تمنع المدنيين من ممارسة حياتهم اليومية، هذا عدا عن تشريدهم ونسف منازلهم.
لم يعد خفيا على أحد الوضع الذي آل إليه اليمن بعد أن عصف به الانقلاب الحوثي باستباحة دم أبنائه وتشريدهم وتفخيخ أرضهم بألغام متنوعة لا حصر لها. هذه الميليشيات فاقمت معاناة الشعب اليمني يوما بعد يوم متسببة في كوارث إنسانية كشفت الوجه القبيح لهذه الجماعة الإجرامية التي تخلت عن إنسانيتها حيث تحول أفرادها إلى مسوخ أدمنوا القتل والتخريب.
هذا السرطان الذي استشرى في الأراضي اليمنية، دفع الحكومة إلى توجيه نداءات عاجلة إلى المجتمع الدولي لمساعدتها على نزع الألغام التي زرعتها الميليشيات الانقلابية بكثافة وبطريقة عشوائية في المناطق التي كانت تحت سيطرتها، مؤكدة أن القضية صارت مؤرقة للمواطنين.
هذه النداءات لاقت استجابة من المملكة العربية السعودية التي أطلقت مشروع “مسام” لنزع الألغام إيمانا منها بضرورة مد يد العون لجارتها التي أصبحت تطفو على مستنقع من المتفجرات.
وقد تمكنت فرق المشروع الهندسية منذ انطلاق عملها ولغاية يوم 13 نوفمبر الجاري من إزالة 197982 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منها 1391 خلال الأسبوع الثاني من الشهر الحالي، عدا عن تطهير 189944 مترا مربعا من الأراضي اليمنية خلال ذات الأسبوع.
وتبذل فرق مسام جهودا جبارة لتحديد أماكن وجود هذه العلب اللعينة في ظل غياب خرائط يمكن أن يستدل بها على مكانها، مما جعلها في سباق مع الزمن لإنقاذ أرواح المواطنين من قبضة ذاك القاتل المتخفي تحت تربة وطنهم.
يواصل مشروع مسام تنفيذ الهدف الذي بعث من أجله بكل إصرار وعزم لمساعدة الشعب اليمني على التخلص من لعنة الألغام ونتائجها الكارثية التي تلوح آثارها جلية على أجساد اليمنيين وفي أروقة المستشفيات التي باتت عاجزة أمام أعداد المصابين.