الأخبار

تتصدر معاناة اليمنيين تقارير منظمات الأمم المتحدة وعناوين وسائل الإعلام الدولية مع دخول فترة الانقلاب منعرجا خطيرا من التجاوزات والانتهاكات في حق المدنيين.
ففي الوقت الذي تشير فيه توقعات الأمم المتحدة إلى ارتفاع عدد المحتاجين لمساعدات إنسانية الذي يصل إلى نحو 24 مليون يمني وهو ما يمثل قرابة 80% من عدد السكان، يحذر برنامج الأغذية العالمي من خطر تحول اليمن إلى مدينة أشباح خلال الفترة القادمة في حال تواصل الوضع على ما هو عليه.
فوفق تقديرات منظمة “أوكسفام” ينضم كل يوم 25 ألف يمني إلى طابور الجوعى وذلك منذ أواخر شهر آذار من العام المنصرم. وكانت القائمة بأعمال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، يورنيما كاشياب، قد حذرت في وقت سابق من أن نحو 10 مليون شخص لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية.
أما حسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” فإن ما يزيد عن 14 مليون يمني يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي. وفي تقرير مماثل أعده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” فإن نحو 21.2 مليون شخص بحاجة إلى نوع من المساعدة لتلبية احتياجاتهم الأساسية بالإضافة إلى 20.4 مليون يمني يعانون شح الحصول على المياه الصالحة للشرب وخدمات الإصحاح البيئي الضرورية وفق إحصائيات منظمة اليونيسف.
وقد كان للنازحين نصيبا مضاعفا من المعاناة خاصة وأن عددهم في تزايد مستمر حيث صار معظمهم على شفا المجاعة. وتشير التقديرات إلى أن العدد فاق ال3 ملايين نازح فيما فر 121 ألف شخص خارج البلاد.
الوضع هناك بات مأساويا بما تحمله الكلمة من معنى حيث يفتقر النازحون لأبسط أساسيات الحياة. فالأماكن التي يتجمع فيها أغلب الفارين من جحيم الحوثيين لا يوجد فيها ما يكفيهم من الغذاء ولا المياه الصالحة للشرب ولا حتى دورات مياه. حياة النازحين هناك تمر من “خرم إبرة” كما قال الناشط والإعلامي أديب العليمي، إذ أجبرتهم الظروف على استخدام طرق بدائية للعيش الأمر الذي أدى إلى انتشار واسع للأمراض والأوبئة التي فتكت بمئات الأرواح ومازالت تمثل سيفا مسلطا على رقاب البقية.
على صعيد آخر، تواصل الميليشيات الحوثية زراعة متفجراتها في دروب المواطنين حيث تشير التقارير إلى أن هناك ما يفوق المليوني لغم أرضي موزعة على 18 محافظة يمنية تتنوع بين ألغام مضادة للأفراد وأخرى للمركبات إضافة إلى الألغام البحرية.
لقد غدت الألغام أحد أبرز أسلحة الحوثيين التي تستهدف الأبرياء في الجبال والوديان والسهول وفي الأحياء السكنية. إذ لا ينسحب هؤلاء المتمردون من أي منطقة إلا بعد جعلها منكوبة بمئات الألغام وهو ما يتسبب في وقوع مئات الضحايا بين قتلى ومصابين بإعاقات مستديمة خصوصا أنه يتم زرع هذه الآفة دون خرائط مما يجعل عملية إزالتها أو العثور عليها صعبا للغاية.
في المجمل تظل المساعدات التي تقدمها منظمات الإغاثة حتى الآن جزاء ضئيلا من هامش الكارثة الإنسانية التي أفرزتها سنوات الحصار والدمار تدور فيها رحى المعاناة بما لا يشتهي المواطن اليمني المنكوب.