الأخبار

“الصدر يعلو ويهبط والعينان تطرفان والصبي يرقد بصمت على سرير في المستشفى في بلدة حجة، إنه عبارة عن كيس من العظام يصارع من أجل التنفس” هكذا وصف صحفي طفلا ذا 3 أعوام يقاتل من أجل أن يحظى بفرصة للعيش، بعد أن امتص الجوع جسمه النحيل وجحظت عيناه وبرزت عظامه وخارت قواه.
هذه الصورة المحزنة، التي تدمي القلوب، المنقولة من أحد المستشفيات ماهي إلا قطرة من كأس المعاناة التي يتجرعها اليمنيون كل لحظة.
إن الانقلاب هو المحرك الرئيسي للبؤس والمجاعة حيث أغرق 74 مليون شخص في انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، وقد تصدر اليمن قائمة الدول التي تعاني أسوأ الأزمات الغذائية خلال 2019 حيث أن أكثر من نصف سكان اليمن في “حاجة ملحة” للمساعدة الإنسانية.
هذا ويعاني مليوني طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد فيما لا يحصل إلا 15% فقط من الأطفال على الحد الأدنى من الغذاء للنمو والتطور.
الانقلاب في اليمن أتى على الأخضر واليابس حيث أدى إلى تدمير البنية التحتية وخسارة الوظائف وفرص العمل وضعف العمالة وارتفاع الأسعار. و لاتزال وتيرة الانهيار الاقتصادي تتسارع بصورة مخيفة مما ينبئ بمجاعة شديدة واسعة النطاق ستطبق على اليمن.
أطفال اليمن دفعوا الثمن الأغلى لهذا الانقلاب حيث إضافة إلى تعرضهم لشتى أهوال العذاب والألم والفقد والهلاك والجوع والمرض، تأتي فاجعة أخرى تمارس في حقهم وهي تجنيد المئات منهم وجعلهم كبش فداء لتغذية هذه المحرقة. عدا عن إغراق عقولهم في بحر الجهل والطائفية من خلال تغيير مناهج الدراسة أو حرمانهم من الالتحاق بمدارسهم ليظل التخلف ينهش أرواحهم ويمزق أجنحة حريتهم ويسلبهم أعمارهم ويحرق أحلامهم التي لطالما داعبت جفونهم.
وسط هذه المعاناة، تطل الألغام بانفجاراتها القوية لتجرف ما تبقى من أمل لدى اليمنيين بصفة عامة والأطفال بصفة خاصة، الذين يدفعون براءتهم ثمنا لما ترتكبه قوى الشر الحوثية من جرائم في حقهم وحق أهاليهم.
لقد حولت جماعة الحوثي الأراضي اليمنية إلى مقابر جماعية لليمنيين الذين يخوضون كل يوم رحلة موت للبحث عما يسد رمقهم ويسكت جوع أطفالهم، وسعيد الحظ منهم من يعود سالما آخر النهار دون أن تفاجئه إحدى الشياطين المطمورة في جوف الأرض.
رغم هذه المخاطر فإن العاملين بمشروع مسام مصرون على خوض غمار هذه المغامرة في سبيل تأمين حياة الناس وتحقيق هدفهم الإنساني. وقد تمكنت الفرق الميدانية التابعة لمشروع مسام من نزع 2383 لغم وذخيرة غير منفجرة وذلك خلال الأسبوع الخامس من شهر مارس الماضي، ليصل ما تم نزعه خلال نفس الشهر إلى 12940.
تنوعت الأسباب والمصير واحد.. لكن اليمنيين مازالوا يصارعون من أجل الحياة، محاولين التغلب على الأشواك التي رمتها الميليشيات الحوثية في طريقهم علهم يصلون يوما إلى مبتغاهم ويؤسسون الدولة التي طالما حلموا بها.