عندما يبلغ الظلم والجبروت والتسلط مداه ويتناسى الظالم الإله، وعندما لا يكون للفرد حول ولا قوة أمام ذلك الطوفان الجارف من القهر تغرورق العيون بالدموع وتذبح الكرامة على المقصلة الحاجة.
لقد عبث اللئام بمصائر الكرام حتى ترى دموعا من نوع آخر لم تتعود على رؤيتها دموع صامتة قهرا وعجزا وقلة حيلة. فالإنسان أوغل وأوغل في إهانة أخيه الإنسان والتنكيل به والتلاعب بحياته.
إنها أيام شاقة يمر بها اليمن بسبب شرذمة قدموا من كهوف صعدة يتملكهم تكالبهم على السلطة حتى أنهم لا يرون حجم الدمار الذي ألحقوه بهذا البلد ولا الجثث المجزأة إلى أشلاء والأحشاء المبعثرة بفعل المتفجرات.
دماء سفكت وأرواح أزهقت ومنازل دمرت هي كلفة الانقلاب الحوثي. فشريحة واسعة من اليمنيين تنظر إلى 21 سبتمبر على أنه أكبر انتكاسة مدوية في التاريخ اليمني المعاصر وتصنفه كنكبة أثمرت تفشي السرطان الحوثي في الجسد اليمني.
على مدار الفترة الماضية، سقط عشرات القتلى والجرحى نتيجة العمل الخسيس الذي أقدمت عليه الميليشيات الحوثية الإرهابية، حيث نشرت ألغامها في مختلف المناطق اليمنية التي مرت منها إلى أن التهمت المقابر آلاف اليمنيين الأبرياء جراء الحرب الإجرامية المسعورة التي تشنها جماعة الحوثي على هذا البلد المسكين.
إن الألغام تعد هدية الحوثيين لأبناء جلدتهم وإسهامها في التنمية من خلال قطع أطراف الأطفال وتشويه النساء والشباب وقتل كل ما يدب على الأرض.
لاتزال عديد المناطق من اليمن تشهد مئات حوادث انفجارات الألغام أين تمزق أجساد الأبرياء وتحول إلى أشلاء تاركة خلفها قصصا مأساوية لمعاناة ستظل تعايشها أسر الضحايا لفترات طويلة.
لقد اقتصر استخدام هذا السلاح البغيض على عصابة الحوثي بشكل حصري. إذ أشارت التقارير إلى أن هناك ما يزيد عن مليوني لغم أرضي طمرتها الأيادي الخبيثة في أكثر من 15 محافظة يمنية.
وتعد الحديدة وتعز من أكثر المناطق تضررا من هذه الزراعة القاتلة. لكن هذا لا يعني أن المناطق الأخرى أقل تضررا فالفرق يكمن فقط في أن فرق نزع الألغام لم تصل إلى تلك المناطق بعد لمعرفة حجم الكارثة فيها.
الكلفة المروعة التي يتكبدها السكان من هول الإرهاب الحوثي يحتم ضرورة العمل على تكثيف الجهود التي تتضمن العمل على تفكيك الألغام والعبوات التي تتوسع الميليشيات في زراعتها. لهذا تسابق فرق مسام الهندسية الزمن من أجل إزاحة هذا العبء عن كاهل المواطنين.
فالدور الذي تلعبه يحمل أهمية بالغة فيما يتعلق بحماية المدنيين من براثن الإرهاب الغاشم الذي يفتك بأعداد ضخمة من السكان.
ولا يقتصر عمل المشروع الذي يشتغل تحت مظلة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على نزع الألغام وإتلافها بل يمتلك فرقا خاصة لجمع القذائف غير المنفجرة والتي حولها المتمردون إلى عبوات ناسفة تستخدم غالبا لنسف الجسور ومنازل السكان.
في سياق متصل، تمكن مسام خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل من إزالة 4189 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة ليبلغ إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع وحتى الآن 241048 لغما.
منذ أن حط رحاله على تلك الأرض الطيبة، يسعى مشروع مسام بكل جهده إلى تخليص الأراضي اليمنية من الوباء الذي حل بها ولوث تربتها وتطهيرها وتعزيز الأمن فيها والتصدي للتهديدات المباشرة لحياة الشعب اليمني. لكن هذه الجهود بحاجة ماسة لدعم المجتمع الدولي للوصول باليمن إلى بر الأمان.