الأخبار
قبل سنوات من اليوم أكثر الأشياء التي لم يكن الخيال يسمح بتخيلها هو أن يصل اليمن إلى هذه الحالة الرثة وإلى هذا الوضع الممعن في التأزم. فالانقلاب الحالي هو الأسوء والأقسى على الإطلاق، إذ أن هذا البلد لا تأكله فقط الأسلحة الفتاكة التي تتزعمها الألغام، بل تشاركها الأمراض والجوع والعداوة المذهبية والتشرد، كما يهدده تدخل كيان خارجي يغذي نار الانقلاب ويتلاعب بأمن المنطقة.
الحوثيون وعبر داعميهم الإقليميين أوصلوا اليمن إلى أسوء مرحلة في تاريخه حيث تسببوا في تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
ما يربو عن ست سنوات واليمنيون يعانون الويلات من هذا الانقلاب الذي أدخل البلاد في دوامة لا يوجد منفذ للخروج منها.
خلال هذه المدة، قتلت الميليشيات الحوثية عشرات الآلاف من اليمنيين، حيث تنوعت أساليبها في القتل ما بين الرصاص والقصف إضافة إلى الألغام والعبوات الناسفة مرتكبة بذلك أبشع الجرائم الإنسانية بحق المدنيين.
إن الإرهاب الحوثي يستهدف الصغير والكبير، الرجل والمرأة. لا يهمه من الضحية بقدر ما يهمه إشباع رغبته في القتل والتدمير والقضاء على مقومات الحياة في هذا البلد الذي بلي بأمثالهم.
لقد زرعت الألغام في اليمن منذ ستينات القرن الماضي ومع كل حرب يتضاعف عددها. لكن الحوثيين عمدوا منذ بداية انقلابهم إلى زرع المناطق التي يخسرونها أمام القوات الحكومية بالألغام والعبوات الناسفة لينسفوا معها حاضر ومستقبل اليمنيين.
وعلى الرغم من المطالبات الحقوقية والأممية المتكررة لميليشيا الحوثي بوقف زرع الألغام إلا أن هؤلاء الانقلابيين واصلوا جرائمهم في هذا الاتجاه منتهكين القوانين الدولية والإنسانية التي تجرم استخدام الألغام في الصراعات المسلحة.
إن الحوثيين زرعوا علب الموت تلك على طول الساحل الغربي لليمن وعلى الحدود مع السعودية وعلى طول طرق النقل وفي الأحياء والمنازل والمدارس والمستشفيات… مما تسبب بقتل وجرح وتشريد اليمنيين عدا عن إعاقة الوصول إلى الطرق والمياه والأراضي الزراعية.
هذا التوجه لهذه الجماعة يبدو في ظاهره لمنع تقدم القوات الشرعية على الأرض، لكن في باطنه إعاقة لحركة السكان كنوع من الانتقام الشامل ضد كل ما هو يمني رافض لتوسع مشروعهم الانقلابي.
وقد استخدمت للظفر بأكبر قدر ممكن من الأرواح والإصابات العديد من الأساليب لنشر ألغامها وعبواتها الناسفة، فتجدها تارة على شكل صخور ملونة ومجسمات ومواد بناء، وطورا على شكل ألعاب وجذوع أشجار.
هذا الدهاء والمكر في نشر الموت في كل مكان دليل على مدى بشاعة هذه الجماعة الموغلة في توحشها وتعطشها للدم والتلذذ بصرخات الوجع والحرقة، وكأنها تستمتع بهذه المشاهد الحزينة التي تمزق نياط القلب.
وسعيا لتخليص اليمن من خطر هذه الآفة، تبذل فرق مشروع مسام جهودا كبيرة نظرا لأنها تعمل حسب خطة الطوارئ التي تهدف إلى تمكين النازحين من العودة إلى ديارهم وذلك بالتركيز على فتح وتأمين الطرقات لتسهيل إيصال المواد الإغاثية وإعادة الخدمات إليها.
إن مشروع مسام يعمل على إنقاذ اليمن من أسوء كارثة إنسانية تهدد أبناءه ألا وهي الألغام ومخلفات الحرب التي انتشرت في مساحات واسعة شملت الوديان والقرى والطرق والجبال والمنشآت العامة والخاصة في مختلف المناطق التي وصل إليها الانقلاب المشؤوم.
وفي هذا السياق، تمكن الفريق 18 مسام منذ تكليفه بالنزول إلى قعطبة من تأمين العديد من المناطق والقرى السكنية والطرق المؤدية إليها بشكل كلي، وأهمها قرية شخب، الريبي، القفلة، وقرية بهجة.
وكان قائد هذا الفريق، المهندس أحمد الردفاني، قد أشار إلى أن أبناء هذه القرى كانوا نازحين بسبب الألغام مضيفا أن فريقه يعمل حاليا على تأمين المزارع وهي مهمة صعبة بسبب كثرة المزارع وتشعبها على شكل سهول ووديان. وقد استطاع الفريق 18 منذ أن بدأ عمله من نزع 1700 لغم مضاد للأفراد عدا عن إتلاف 100 عبوة ناسفة.
لطالما سعى مشروع مسام منذ أن حط رحاله باليمن على إزاحة عقبة الألغام من طريق المدنيين لكونها الأشد خطورة على حياتهم وحياة الأجيال القادمة. لكن هذه الجهود تواجهها الميليشيات الحوثية بمواصلة نشر هذا الداء لعدم وجود رادع لتصرفاتها وسكوت المجتمع الدولي على جرائمها تجاه أبناء اليمن.