الأخبار
لم يكن الذي حصل في اليمن، لمّا وطأت أقدام الميليشيات تراب صنعاء، تفصيلا في التاريخ بقدر ما كان الأسى والحزن اللذان انتابا اليمنيين على مصير بلادهم عميقين.
ماذا فعل المجتمع الدولي طوال سنوات الانقلاب الجائر الذي أسهم دون شك في التهيئة لظروف لا نشتهيها وأسس لواقع قد يكون أسهم من بعيد أو من قريب في انهيار اليمن. ومنع بالتالي أن يلتحم خيط التاريخ الزاهر لهذا البلد.
المشهد في تفصيلاته التاريخية البحتة وفي أيامه التي نعد ينطق بانقلاب جائر تمكن من اليمن واستفرد به بقرار خارجي وتطبيق ميليشيات إرهابية.
ما الذي قدمه العالم لليمن وهو يئن ويستنجد حتى يقطع حبل الألم والخوف؟ لاشيء. الأمر الذي جعل هذه الميليشيات تطبق خناقها وتتمادى في جرائمها، فاختنق الأطفال حد الموت بلا طعام ولا دواء وشغرت المستشفيات من آلات التشخيص الطبي والأدوية وحتى الأطباء وغصت الأراضي بالألغام والمتفجرات فكانت الحصيلة في الأرواح ثقيلة.
لقد عرف اليمن أسوأ حقبة في تاريخه الحديث بفضل الصدع الذي تسبب فيه المتمردون الساعون للسلطة بأي ثمن حتى وإن كانت أرواح أبناء بلدهم.
لقد زرعت ميليشيات الحوثي مئات الآلاف من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة في الأحياء السكنية والطرق العامة وفي مختلف الأماكن التي اجتاحتها، مما يقف عائقا كبيرا أمام عودة المواطنين إلى مناطقهم المحررة وكذا تنقلاتهم، إضافة إلى إزهاقها للأرواح. لكن رغم ذلك لا تتوقف هذه الميليشيات عن مزيد زرع ألغامها كل يوم وبطرق مختلفة حتى يكون صيدها وفيرا.
إن اليمن يجثو اليوم على أكبر حقل للألغام في العالم. ولن يتم الكشف عن حقيقة هذه الكارثة التي حلت بهذا البلد إلا بعد التخلص من هؤلاء المرتزقة، حينها ستظهر آثارها للعلن رغم أن النتائج الحاصلة الآن تبين مدى فداحة المصيبة.
فقد كشفت السيول الناجمة عن سقوط الأمطار أعدادا هائلة من بذور الموت بعد أن جرفتها ووزعتها على مناطق واسعة مما زاد الطين بلة.
فالسيول المتدفقة في المناطق ذات التركيبة الجبلية والمنحدرة تتسبب في تجريف مساحات شاسعة من حقول الموت وهو ما حدث في مدينة حيس جنوب الحديدة أين استقرت الألغام في طريق المواطنين، مما أثار مخاوف سكان قرية مغاري.
لكن عندما تكون “الحرب” قذرة والقائم عليها لا يحمل أخلاقا ولا ضميرا، فإن المآسي لا تنتهي حتى تحصد المزيد من الأرواح على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي عجز بكل ما تحمله الكلمة من معنى عن حماية المستهدفين في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
فقد قامت الميليشيات الحوثية بتوجيه مشرفيها الميدانيين وعناصرها المتخصصة بزراعة الألغام في الساحل الغربي لإخراج الألغام من الأودية وعمل صيانة لتسليك العبوات التي جرى عليها السيل ثم إعادة زراعتها. مما يؤكد تشبث هذه الفئة بنهجها الدموي ونفسها الإجرامي.
في المقابل، تحاول فرق مسام التحرك بسرعة لإزالة هذه الأشواك من طريق اليمنيين وتجنيبهم خسائرا في الأرواح. حيث نزلت فرقه الهندسية لتقوم بعمليات المسح للمناطق الموبوءة وذلك حرصا على تأمين الناس من خطر هذه الآفة التي ما فتئت تذيقهم الألم. الأمر الذي نال استحسان المواطنين وجعلهم يستبشرون خيرا في الأيام القادمة.
إن ما تقوم به فرق مسام هو زرع حياة وسط خراب واستعادة أمل وسط يأس. هذه الجهود الإنسانية الجبارة أعطت أكلها ووقفت سدا منيعا أمام أطماع هؤلاء الانقلابيين، وأنقذت آلاف اليمنيين من الموت المحتوم الذي كان يتصيدهم في كل زاوية من أراضيهم.
178541 هو عدد الألغام والذخيرة غير المنفجرة والعبوات الناسفة التي تمكنت فرق مسام من نزعها، وهو عدد الضحايا الأدنى الذي كان سيقع بسببها. ولك أن تتخيل ما ينتظر اليمن مستقبلا.
مصائب اليمن لا تتوقف في ظل وجود الحوثيين، ولن يشفى من علاته إلا بعد إزاحة هذه الفئة، حينها سينعم اليمنيون بحياة مستقرة وآمنة طبعا مع تواصل جهود إزالة الألغام التي مازالت سترافقهم لسنوات قادمة.