الأخبار
مهما تحدثنا عن الألغام في اليمن، ومهما وصفنا مقدار الدمار والأذية التي تسببت بها لأهل تلك الديار من الأبرياء ولحياتهم برمتها، فإن أبلغ من يمكن أن يصف هذه المأساة وأفصح من يمكن أن يعبر عنها، هم جنود الخفاء الذين يصلون الليل بالنهار مقتفين آثار الألغام من أجل تخليص الناس في تلك الربوع من شرها.
عناصر فريق مسام، هم بارقة الأمل الوحيدة في هذا المضمار الذين يكرسون خبراتهم وطاقاتهم ويضربون مثالا فذا في التضحية من أجل دحر هذا الموت المتدثر بالتراب والحجارة والمموه بخبث قصد اراقة أكبر قدر من الدمار.
وإذا تحدثنا عن خبرات وطاقات مسام على الأرض، فإننا لا بد أن نقف عند شخصية معتبرة في هذا الصدد قدمت ومازالت مثالا يحتذى به في المثابرة الإنسانية على الأرض، إنه الدكتور زوبع الراوي الخبير الدولي في مسام، والذي تعكس هذه السطور التي أدلى من خلالها بشهادات للمكتب الإعلامي لمسام، عن عمق خبرته وتفانيه في مجال مكافحة فخاخ الموت.
وقد شخص في المقام الأول، الدكتور زوبع الراوي، ماهية أزمة الألغام في اليمن ورصد أسبابها بقوله “اليمن أرض العرب وله تقدير كل عربي أصيل، فاليمن أرض الإيمان والحكمة وللأسف قد تداعت عليه الأمم وخاصة الأفعى الخطرة وبثت سمومها في الوطن العربي والعالم الإسلامي، حتى أغرقته في بحر من الفوضى، ولعل أدل شيء على ذلك ما نشاهده من انتشار للألغام والعبوات في اليمن”.
وقد وصف الدكتور زوبع الراوي، بعبع الألغام بهذه العبارات المعبرة، حيث ذكر “الألغام موت كامن وإيذاء محقق في اليمن، والمصيبة أن هذا الخطر يقع فيه المواطن اليمني البسيط الذي يسعى لكسب رزقه في كل حين، فتدمر بنيته التحتية، ومدارسه تعطل، حتى لم يبق أي مكان آمن لم يلوث بلغم أو مفخخة أو القنابل غير المنفجرة أو وسائل إيذاء وتدمير أخرى”.
وأمام هذا الوضع المأساوي في اليمن، اعتبر الدكتور الراوي أن هذا المشروع مثل بارقة الأمل الوحيدة التي أجارت اليمن في محنته الخطيرة هذه، حيث بين قائلا “مشروع مسام هو مشروع إنساني بحت ولا يتدخل في أي موقف سياسي وإنما يسعى لإنجاز عمله الميداني بحس إنساني عال، فمسام سعى منذ سنتين بالتنسيق مع البرنامج الوطني لنزع الألغام إلى تحرير الأراضي المحررة من الألغام لتمكين المواطنين من استعادة حياتهم الطبيعية ووظائفهم الطبيعية”.
ثم أضاف مفصلا “مسام يعمل في المناطق المحررة عسكريا ويثابر لتحريرها من كل صنوف الملوثات، من ألغام ومتفجرات وعبوات الناسفة وغير ذلك، ومن المفرح جدا أن العمل الناجح لمشروع مسام قد أدى إلى تعزيز الثقة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وذلك من خلال تجديد العقد لسنة ثالثة لمشروع مسام في اليمن لإنجاز نفس العمل الإنساني على نفس منهج العمل ووتيرة النجاح والدقة العالية”.
من جهة أخرى عبر الدكتور الراوي، عن مقدار تضحية فريق مسام في إطار العمل على إنجاح مهمته الإنسانية الرامية للوصول باليمن إلى “يمن بلا ألغام”، حيث ذكر” برغم كل احتياطات السلامة ومراعاة المعايير الدقيقة في عمليات ازالة الألغام، فقد تحدث حوادث في صفوف النازعين بسبب ظروف اللغم أو العبوة أو الظروف الطبيعية، ونحن نعتز بشهدائنا الذي قدموا أرواحهم خدمة لليمن وإنقاذا لليمنيين من الموت الخفي”.
وقد أضاء الخبير الدولي الدكتور زوبع، على حرص المشروع على الشفافية التامة في عمله الإنساني، حيث بين الآتي “أعداد الألغام المنزوعة في اليمن لا يتم التصريح عنها إلا بعد التوثيق والتدقيق بخصوصها في إطار الحرص التام على المصداقية في هذا المضمار من قبل الإدارة العامة”.
وقد ختم الدكتور الراوي، قائلا “أود أن أرسل رسالتين: الرسالة الأولى للناس الذين يزرعون هذه الملوثات، وأقول لهم اتقو الله في أنفسكم وفي يمنكم وفي إخوانكم من المدنيين الأبرياء فإن ما تقومون به خطأ فادح، فقد وجدنا ألغاما في أماكن لا يتجه إليها أي عسكري كالمزارع والبساتين وقرب آبار المياه وقرب الينابيع، فوق الجبال والسهول وعلى شواطئ لا تصلح لانزال بحري، وإنما تصلح فقط لصيد الأسماك، اتقوا الله فالله ينظر إلى ما تعملون”.
وأما الرسالة الثانية فقد عنونها كالآتي “رسالتي الثانية إلى جميع إخواني وأحبائي وأعزائي في اليمن الغالي، ومفادها أن يبتعدوا كل البعد عن احتواء أو التقاط هذه الملوثات الملغومة، فهذه ليست لعب.. أدوات موت وإيذاء مطلق، ومع الأسف وقعت حوادث كثيرة ذهب ضحيتها أطفال وأهالي ودمرت بيوت، أدعو الجميع إلى إبلاغ أقرب مركز شرطة عند العثور على أي جسم مشبوه فيه، وهم يقومون بإبلاغنا ونحن نقوم باتخاذ الاجراءات اللازمة لعمليات التطهير بشكل دقيق وآمن بما يحفظ سلامة الجميع”.