الأخبار
شوارع اليمن تحكي عن نفسها وتقول الكثير والكثير، فتلك الحارات، البيوت، الأراضي، الجبال وغيرها صفحات مفتوحة طليقة اللسان تفشي لمن يرمقها بما يختلج في صدور من يعبرها ويحيا فيها.
بالأمس كانت الشوارع مرتع لشباب يافع متعطش للغد شغوف بالأحلام، كل واحد من هؤلاء الشباب يرسم غده في مخيلته ويتعهد أحلامه ويسقيها أسباب الحياة والتطور والبقاء، وفي رحاب تلك الشوارع يتسامر بعضهم عما يروادهم من مطامح حول الغد الآتي ويكتفي البعض الآخر بالانصات وانتظار الوقت المناسب للإفصاح عن ملامح غده المنشود.
كل الشباب كانوا يحلمون بالعمل، النجاح، الزواج، التفوق، وترك بصمة في رحاب اليمن المعطاء، والكل كان ينظر للغد بتفاؤل ويعتبر مأزق الحرب سحابة عابرة ستزول بسواعد أبناء اليمن الأحرار، وبفضل معاضدة تحالف الخير والعزة، لكن دخول الألغام ونقمتها على خط المعركة غير واقع وأفق العديد من الشباب اليمني.
فبعد أن باتت الأراضي اليمنية مسكونة بهوس الألغام الجامحة، حل بشباب اليمن محنة جديدة، فمنهم من دخل على خط النضال من أجل تحرير اليمن من مأزق فخاخ الموت تلك التي تهدد الواقع والمستقبل اليمني بالخوف والفناء، من خلال المشاركة في درحر الميلشيات المغتصبة والمساهمة في جهود نزع الألغام بمعية مشروع مسام لنزع الألغام.
وهذه الشريحة قدمت نموذجا يحتذى به في العطاء، وآخرون قضوا بسبب الألغام، في حين يجول البعض الآخر منهم شوارع اليمن بأطراف اصطناعية أو على كراس متحركة ، وهذا ما تكشفه الأرقام وتسقط عليها الأقنعة لتفضح ما ارتكبته الميلشيات في حق اليمنين وشبابها المعطاء.
فقد أكدت الإحصائيات أن أكثر من ألفي شخص قتلوا، وأصيب نحو ألف من جراء الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي.
وذكرت تقارير ميدانية حقوقية وإعلامية أن عدد القتلى بسبب الألغام الحوثية بلغ 615 شخصا، وقد عمدت الميليشيات إلى تمويه الألغام والعبوات بأشكال متعددة يصعب على المواطنين تمييزها، لرغبتها في إيذاء أكبر عدد من المدنيين.
ورغم إيذاء الألغام ونفسها الانتقامي الملح، لم تفلح فخاخ الموت تلك من تفريخ الإحساس بالعجز والانكسار في أنفس شباب اليمن الذين يؤمنون أنهم غد البلاد وأفقها الخصب بيدهم ولو كره الغاصبون.