الأخبار
“أظرف خبر في 2020 قرأته اليوم لقيادي حوثي يقول إن ثورة 21 سبتمبر جعلت اليمن رقما صعبا في المعادلة العالمية”، هكذا صرح الصحافي زكريا الكمالي ساخرا في تغريدة على حسابه على تويتر.
لكنني أعتقد أن هذا القيادي لم يكن مخطئا، إذ صحيح أن هذه النكبة جعلت اليمن يعاني أسوء أزمة عالمية وشبح المجاعة يلقي بظلاله على هذا البلد أكثر من أي وقت مضى، لكن هذا كله دفعه إلى أن يكون رقما صعبا.
نعم رقم صعب بأعداد الجياع، رقم صعب بأعداد القتلى، رقم صعب بأعداد المشردين والمرضى والمصابين.. والأدهى، رقم صعب بأعداد الألغام والمساحات الملوثة بها.
هكذا أرادت هذه الجماعة أن يكون اليمن، كومة من ركام المباني، خراب ودمار في كل زاوية، عويل وبكاء وقلوب يعتصرها الألم في كل بيت. أليست هذه كلها أرقام صعبة.
لقد حطمت جماعة الحوثي كل الأرقام السيئة خلال فترة انقلابها وخاصة فيما يتعلق بحرب الألغام والمتفجرات والعبوات الناسفة إلى أن اعتبرت واحدة من أمهر الجماعات بالعالم في شن هجمات بالعبوات الناسفة. وبذلك أثبت الحوثي للعام السادس على التوالي أنه مشروع موت بامتياز.
وبفعل هذا الجنون الغير مبالي بمصير المدنيين، أصبح اليمن البلد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط الذي تعرض لكارثة انتشار الألغام.
ففي السابق، كان أبناء اليمن يعدون عدد ضحايا الحوثي أما اليوم فصاروا يعدون اليمنيين بعد جرائم الحوثي، إذ لم تبق هذه الجماعة الانقلابية للحياة أملا في قلب أي يمني، واستمرار وجودها هناك فيه دمار للأرض والإنسان.
وضمن مخططها الرامي إلى طمس هوية اليمن، لم تتوان الميليشيات الحوثية عن استهداف المساجد وتفجيرها، إذ يعد ذلك من أولويات ما تقوم به. فمنذ أول طلقة في تمردها على الدولة اليمنية، أدرجت ميليشيا الحوثي الإرهابية المساجد على سلم أولوياتها حيث سعت إلى السيطرة عليها وتحولها إلى منابر لتسويق مشروعها الطائفي القائم على العنف. ففي المناطق التي سيطرت عليها هذه الميليشيات، كانت تحول المساجد إلى وكر لبث ثقافة الكراهية والعداء للهوية اليمنية وتتعمد انتهاك الأعراف والتقاليد. لكن وفي نطاق الرفع من حدة عدوانيتها، بدأت بتفخيخ وتفجير المساجد التي تمثل مراكز إشعاع تنويري عرى الحركة الحوثية. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، أقدمت الجماعة الانقلابية على تفخيخ مسجد قرية البويقة بمديرية موزع التابعة لمحافظة تعز بعشرات الألغام الأرضية الخاصة بالمدرعات.
لكن بفضل جهود عاملي الفريق 23 مسام تم تأمين المسجد وإزالة العلب المنفجرة. بيد أن العديد من المساجد الأخرى لقيت مصيرا مغايرا على غرار ما حدث في مديرية كتاف أين دمر انفجار ضخم أحد أكبر المساجد والمراكز العلمية في دماج بعد أن فخخته ميليشيا الحوثي بصورة تعكس حقدا غير مسبوق.
لكن أمام هذا العدو الحوثي الإمامي ومشروعه الظلامي الميليشاوي السلالي العنصري، تتعدد التحديات وتتنوع ميادين النزال وصور المواجهة ومسارات النضال، وتأتي إزالة الألغام على رأسها، حيث تسعى فرق مسام إلى مقاومة الإرهاب الحوثي والتصدي لجرائمه المستمرة في تجريف الحياة وتفخيخ السلم وتدمير البنية التحتية وذلك بالعمل على إزالة الألغام من الأراضي اليمنية التي غصت بهذه الآفة. لقد بذلت الفرق الهندسية لمشروع مسام ما بوسعها في التصدي لوباء الألغام وخاضت هذه المعارك المصيرية بعزيمة وإصرار ووعي، وطرقت كل الأبواب المشروعة والمتاحة لتحقيق هدفها الإنساني غير مبالية بالأخطار التي تهدد حياة أفرادها وأجسادهم.
بفضل ذلك، تمكنت منذ انطلاق عملها ولغاية الآن من نزع 196591 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة وتطهير 15.995.121 مترا مربعا.
لقد طال الإجرام الحوثي كل شيء، ولم يترك للحياة مكان، لذلك دأبت فرق مسام على إيقاف نزيف الدم وعملت على إعادة الحياة لعديد المناطق التي خيم عليها السكون لأشهر. وهو الأمر الذي لم يعجب هذه الجماعة الانقلابية لذلك تجدها في كل مرة تبتكر طرقا جديدة لإسالة دم أناس أبرياء ذنبهم الوحيد هو رفضهم لمشروع ظلامي لا تربطهم به أي علاقة.