حجم المعاناة الإنسانية في اليمن فاق استيعاب العقل البشري، إذ يتحمل المدنيون العبء الأكبرمن مظالم كثيرة، فالألغام مستمرة بالإستخفاف الصارخ بالحياة الإنسانية حيث تخلف الإعتداءات على المناطق السكنية والبنى التحتية المدنية تأثيرا سلبيا على حياة السكان. فقد قطعت عليهم الألغام كل السبل للحصول على احتياجاتهم الأساسية.
إن زراعة الألغام تشكل انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي، فقد ألحقت أضرارا فادحة أثرت بشكل سلبي على البلد ككل فتفاقمت الاحتياجات الإنسانية مما عرض المزيد من أبناء اليمن لإنعدام الأمن الغذائي وحرمانهم من الحصول على المياه أو الأودية وغيرها.
فحكاية اليمن مع الألغام ليست وليدة الحاضر بل هي تراكمات صراعات متعددة، لكن هذا البلد كان قاب قوسين أو أدنى من التخلص منها غير أنه كان للحوثي رأي آخر فاحتلاله لعديد المناطق والذي أدى إلى زيادة التلوث بالألغام والعبوات الناسفة في مختلف المناطق المؤهولة، وهي نقلة نوعية من ناحية إستخدام السلاح المحظور في المدن وحتى داخل البيوت.
فالألغام المضادة للأفراد محظورة لأنها تهدد حياة المدنيين ولا تفرق بين مدني وعسكري فأكثر ضحاياها هم من الأطفال الذين يلتقطونها لإعتقادهم أنها لعبة كما يكثر عدد الضحايا والمصابين كذلك في صفوف الفلاحين والرعاة بسببها.
إن كل لغم موجود على تلك الرقعة الجغرافية يمثل تهديدا لليمنيين إذا لم يتم العمل على إزالته.
وإدراكا منها لخطورة الوضع، تسارع فرق مسام الهندسية جهودها لنزع أكبر عدد ممكن من فخاخ الموت الرابضة المنتظرة ضحيتها.
وقد نزع مسام منذ إنشائه وحتى الآن ما يزيد عن 266 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة كانت قد زرعتها الميليشيات في مختلف المناطق المحررة قبل طردها منها.
فالفرق التابعة لمسام تحدد المواقع المستهدفة لإزالة الألغام وتفككها بناء على عمليات مسح مستفيضة وكذلك بلاغات تتلقاها من المواطنين في ظل عدم وجود خرائط، وهو ما يجعل عملية البحث عن تلك العلب المدفونة عملية مضنية وذات خطورة بالغة. بيد أن ذلك لم يثن أسرة مسام عن المضي في البحث عن الأشواك التي أدمت أرواح اليمنيين قبل أجسادهم.