الأخبار

هناك مبان انهارت على الأجساد ومبان مفخخة أو مزودة بمتفجرات لمنع الناس من العودة إلى بيوتهم. صدمة تعتريك عند رؤية حجم الدمار في اليمن على مدى البصر. إذ خلف الانقلاب معاناة مروعة بألغامه التى بعثرها في أنحاء اليمن حتى في حالة النجاة من الموت لا يخلو الأمر عادة من بتر أحد الأطراف والخضوع لعدة عمليات وإعادة تأهيل بدني طويل الأمد. وتعاني الضحية في كثير من الأحيان من إعاقة دائمة تنطوي على تبعات إجتماعية ونفسية وإقتصادية جسيمة.
فجرائم الحوثي لا تعرف حدا، فقد طالت الماضي والمستقبل قبل أن تكون حاضرا يتجرعه اليمنيون يوميا. وكما هو معلوم، فالألغام تعد من الأسلحة التي لا تنتهي خطورتها حتى بعد انتهاء الحروب، إذ تظل مغروسة في الأرض تهدد الأجيال المتعاقبة.
ويبدو أن الفكر الحوثي يحبذ هذا النوع من التهديد لذلك ترى الميليشيات ممعنة في نشر فخاخها أينما حلت وارتحلت، بيد أن مأساة الألغام التي زرعتها الميليشيات لم تنحصر على القتل والتشويه، إذ تعدتها إلى عقوبة مضاعفة تمثلت في حرمان اليمنيين من سبل رزقهم بعد أن هجروا حقولهم الزراعية التي بذرت ألغاما.
ولا يكاد يمر يوم إلا ويذاع خبر إصابة أو مقتل مواطن يمني بسبب لغم أو عبوة ناسفة زرعتها هذه الجماعة الإنقلابية، كما هو حال الملازم أكرم رزاز سيف شوكان الذي قضى نحبه إثر انفجار لغم في شارع الثلاثين غرب تعز.
ووفقا لمركز المعلومات للتأهيل وحقوق الإنسان، تحتل تعز المركز الأول في عدد ضحايا الألغام الحوثية، إذ تم تسجيل مقتل 743 مدنيا وجرح 1176 آخرين بينهم نساء وأطفال.
الأمر عينه تكرر بمحافظة عدن، حيث أصيبت أسرة كاملة أغلب أفرادها نساء وأطفال عند انفجار عبوة ناسفة في أحد الشوارع الرئيسية لمديرية الشيخ عثمان، مما أدى إلى بتر ساقي امرأة منهن.
إن التقارير التي ترصد الانتهاكات الحوثية بحق اليمنيين في مختلف المحافظات اليمنية تكشف الفكر الدموي لهؤلاء المتمردين، فالألغام المحرمة دوليا لا تزرع في المناطق المفتوحة وخارج المدن فحسب، بل داخل المدن والأحياء المكتظة بالسكان وعلى الطرقات التي يسلكها المدنيون يوميا الأمر الذي رفع في عدد الضحايا من قتلى ومصابين.
وضمن عملية “إعادة الأمل” التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لفائدة اليمنيين عبر مشروعها الإنساني “مسام”، نجحت الفرق الميدانية خلال الأسبوع الماضي في إزالة 2797 لغم وذخيرة غير منفجرة، ليصل بذلك مجموع ما تم نزعه منذ بداية شهر أغسطس الجاري 5435 تنوعت بين ألغام، ذخائر غير منفجرة، وعبوات ناسفة.
وكان المدير العام للمشروع السعودي مسام السيد أسامة القصيبي قد أعلن في بيان له نشره المكتب الإعلامي للمشروع أن الفرق نزعت منذ انطلاق المشروع ولغاية يوم 22 أغسطس 83748 لغما وعبوة ناسفة مختلفة الأشكال طمرتها الميليشيات الحوثية في عدة مناطق يمنية.
لقد سقط المدنيون في زمن الوجود الحوثي واحدا تلو الآخر في مكامن موت اغتالت الأمل والضحكات والبراءة، وروت الأرض بدماء أبناء شعب رفض مشروعا تدميريا. لقد سعت هذه الميليشيات في الأرض فسادا موزعة رائحة الموت أينما حلت، فهل سيأتي يوم نشهد فيه وقفا لجرائم هؤلاء الانقلابيين؟.