الأخبار
مثلما نحن ندرك أن من رحلوا عنا بسبب فخاخ الموت المتفجر لن يترجلوا بعد يوم رحيلهم عنا، البتة بيننا، فإننا على إيمان راسخ بأنهم في مكان أفضل وهذا عزاءنا.
لكن معرفة الحقيقة تبقى لا مناص منها وتوجيه إصبع الاتهام لصناع الموت وتجاره، صوت ملح جدا يتفجر من ضميرنا الإنساني ليوصل صوت معاناة اليمنيين مع الألغام الى كل العالم.
الميليشيات لم تتدخر جهدا البتة في مجافاتها لمعايير الإنسانية، حيث عملت على نثر ألغامها لتظفر بأرواح اليمنيين الرافضين لوجودها وتقدمها قربانا لمصالحها. فكانت الألغام رد فعل انتقامي تجاه الشعب اليمني الذي تمسك بوطنه.
فمنذ بداية الانقلاب المشؤوم، زرعت الميليشيات في مختلف مناطق البلاد أكثر من مليوني لغم متعدد المهام والأشكال والأحجام، وأدت إلى مقتل أكثر من 20 ألف مدني. هذا الفعل الإجرامي جعل اليمن الدولة الأولى في العالم منذ الحرب العالمية الثانية من حيث زراعة الألغام.
وعلى امتداد سنوات الانقلاب، تسببت هذه الآفة الملغومة في خسائر بشرية ومادية كبيرة في عدة محافظات. وكان مرصد حقوقي يمني قد نشر مؤخرا إحصائية خاصة بضحايا الألغام والخسائر خلال شهر يناير الماضي 2021، حيث تسببت العلب المنفجرة في مقتل وإصابة 16 مدنيا وألحقت بممتلكاتهم خسائر كبيرة، بالإضافة إلى إعاقة عودة النازحين إلى منازلهم.
وقد تصدرت محافظة الحديدة قائمة الضحايا بثلاثة قتلى وإصابة رابع، تلتها محافظة الضالع فمحافظة الجوف ثم محافظة تعز التي أصيب فيها 5 مدنيين بينهم امرأة وطفلان. وخلال ذات الفترة، تسببت الألغام بنفوق نحو 20 رأسا من الماشية وتدمير وإعطاب خمس سيارات مدنية عدا عن إتلاف ثلاث دراجات نارية وإعطاب أحد المعدات الثقيلة.
وبذلك تشكل الألغام الأرضية والأجهزة المتفجرة تهديدا كبيرا وواضحا لحياة الأفراد والمجتمع ورفاههم، كما تسهم في إعاقة التنمية وبناء الدولة في مراحل ما بعد النزاع.
ونظرا لإدراكها لخطورة الوضع الذي يعيشه اليمن، تسابق فرق مسام الزمن لإبعاد هذا الخطر عن المدنيين الذين ذاقوا الويلات جراء الانتشار الواسع للألغام.
وقد استطاعت خلال الأسبوع الثاني من شهر فبراير إزالة 1400 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
وفي سياق متصل، تمكن الفريق 19 مسام من تأمين 14 منطقة سكنية في مديرية ذباب بمحافظة تعز، حيث استطاع هذا الفريق أن يؤمن 17 حقلا للألغام و8 آبار مياه و6 مدارس تعليمية و5 طرق رئيسية تربط مديرية ذباب بمديريات تعز إضافة إلى 20 طريقا فرعيا يربط قرى ومناطق ذباب ببعضها.
ورغم ذلك مازالت الألغام مزروعة في مساحات ومناطق واسعة في اليمن وعملية نزعها تتطلب المزيد من الجهد والوقت خاصة في ظل استمرار الميليشيات في طمرها لنشر الموت في كل مكان.