الأخبار

ربما تكون ثانية سببا في تغيير مجرى حياة شخص، هي المدة التي يستغرقها للقيام بخطوة تطأ بها قدمه لغما يتسبب في قلب حياته وحياة أسرته رأسا على عقب.
فالألغام المضادة للأفراد تخلف معاناة مروعة حتى في حالة النجاة من الموت لا يخلو الأمر من بتر أحد الأطراف مما ينجم عنه الخضوع لعديد العمليات، ولتأهيل بدني طويل الأمد، لكن رغم ذلك تبقى الضحية تعاني إعاقة دائمة تكون تبعاتها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية جسيمة.
ويعتبر جراحو الحروب إصابات الألغام من بين أسوء الإصابات التي يتعين عليهم علاجها، فعندما يدوس شخص لغما مطمورا في الأرض تقطع في غالب الأحيان إحدى أطرافه السفلية أو كلتيهما ويقذف بالتربة والحصى والشظايا المعدنية والبلاستيكية والعظام المحطمة في عضلاته.
كما يمكن للألغام أن تعصف بالأصابع واليدين، علاوة على إمكانية تسببها في العمى وإصابات تطال البطن والصدر والعمود الفقري.
ونظرا لعلمها بمخاطر هذه الآفة، تسعى ميليشيات الحوثي إلى الزيادة في معاناة اليمنيين، وذلك بطمر أكبر عدد ممكن من الألغام في جميع المناطق وخاصة تلك التي أجبرت فيها عن التراجع، حيث تعمل على زراعة الطرقات بالألغام وتفخيخ المنازل بالعبوات الناسفة، مما تسبب في قتل وإصابة العشرات من المدنيين.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر فقد تمكن الجيش الوطني من تحرير منطقة الجحملية بمحافظة تعز، لكنه مازال بحاجة إلى سنوات أخرى لتحريرها من قبضة آلاف الألغام، حيث أرغمت الميليشيات على الانسحاب من العديد من الأحياء، الأمر الذي جعل الأهالي النازحين يفكرون في العودة إلى بيوتهم، لكنهم لم يكونوا على علم بالمفاجأة التي خبأتها لهم الميليشيا الانقلابية التي قامت بزرع الألغام في جميع أرجاء الحي، مما جعل السكان أمام حرب من نوع آخر أسفرت عن إصابة العديد منهم.
لذلك دعت منظمة أطباء بلا حدود السلطات والمنظمات المتخصصة إلى تعزيز عمليات نزع الألغام لخفض عدد الضحايا في المناطق المدنية.
ولم تكتف الميليشيات الحوثية بذلك بل طمرت الألغام في حقولهم أيضا حتى أضحت دون فائدة لتحرم السكان سبل رزقهم ولتسلط عليهم عقابا مضاعفا فقدوا على إثره مصدر دخلهم وقوت أسرهم.
زراعة الموت هذه ستخلف أجيالا من المشوهين.. تبعاتها لا تقف عند الأسر فحسب وإنما ستتخطاها إلى المجتمع، حيث يرجح أن يصبح الضحايا أكثر اعتمادا على المساعدة وأكثر عزلة، لذلك وجب إيلاء هذه القضية الأولوية المطلقة من قبل جميع الأطراف وخاصة الأمم المتحدة التي لم تقدم شيئا لهذا الملف إلى حد اللحظة، على عكس مشروع مسام الذي يواصل عمله بثبات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حيث تمكنت فرقه من نزع ، وهي كالتالي: 565 لغم مضاد للدبابات و17 لغما مضادا للأفراد و766 ذخيرة غير متفجرة و62 عبوة ناسفة ليصل إجمالي ما تم نزعه منذ بداية المشروع وحتى 12 أبريل 55180 لغما وذخيرة غير منفجرة.
إن الفترة الزمنية التي سيحتاجها اليمنيون للتخلص من الألغام ستمتد لسنوات عديدة وستكون الفرق الهندسية بحاجة لمزيد الدعم وهو ما يجعل الأمر معقد للغاية بسبب انتشار الألغام في كل مكان.