دماء سفكت، أرواح أزهقت، أجساد جرحت، أعراض هتكت، أموال نهبت، أناس هجرت، بلاد خربت، أراض أغتصبت… أي ضريبة دفعت أيها اليمن بسبب الانقلاب؟.
في اليمن، كان الناس يعيشون في أمان يزرعون ويحصدون ويأملون بغد أفضل قبل أن تصل جحافل الميليشيا المقبلة من كهوف صعدة لتحرق الأرض ومن عليها تاركة آثارا غائرة لا تندمل ودافعة بآلاف اليمنيين لرحلة نزوح لا تتوقف، لترسم بذلك معاناة مكتملة الفصول لحياة ملايين المدنيين الذين باتوا يفتقدون لأبسط مقومات الحياة.
مآسي الانقلاب وفظائعه لا تتوقف منذ لحظاته الأولى لكنها أخذت منحى أكثر دموية في كل يوم وتثير أشكالا متناقضة من المشاعر عندما تنقلها الصور في وسائل الإعلام.
صور تؤطر لحظات من وجع الإنسان الناتج عن وحشية عصابة فخخت الحاضر والمستقبل بأدوات القتل بعد أن عجزت عن إحكام السيطرة على الأرض والثروة والممتلكات والإرادة اليمنية الواعية.
ثقافة موبوءة وألغام فتاكة يستخدمها الحاقدون حين الفرار من كل منطقة يصلها إعصار التحرير اليمني لأنهم يريدون رسم الوجع والألم على الأجساد قبل الملامح.
لقد سلبت الألغام وسائر متفجرات الحوثي الأطراف والأرواح، ولم تبق إلا على كتل اللحم المتناثرة والثياب المضرجة بالدماء.
في اليمن يحضر الموت والخوف بقوة حيث تتمترس آلاف الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي لتلاحق السكان حاصدة حتى الآن ما يزيد عن 8 آلاف قتيل ومعطلة الحياة المدنية في المناطق المتضررة.
وتمثل هذه العلب المتفجرة عبئا ثقيلا على أهالي تلك المناطق الذين إن سلموا منها فإنهم لن يسلموا من الخوف الذي سيتملكهم بخصوص كيفية التخلص منها والعثور على مسلك آمن لهم ولأطفالهم الذين ألفوا أصوات الرصاص والقصف ويبدو أنهم سيألفون الرقص بين تلك القطع المعدنية المتفجرة كجزء من نمط حياة يراد لهم التعايش معه.
لقد حولت هذه الآفة عديد الأماكن إلى سجن لأهاليه. إذ كبلت حركتهم وحرمتهم من مزاولة نشاطاتهم والوصول إلى مصادر المياه. ومن تمرد على الوضع أو اضطر للخروج بحثا عن قوته اعترضت طريقه هذه الأجسام المنفجرة وأعادته جثة هامدة إلى بيته.
في اليمن، غابت أصوات الضحكات والقهقهات والزغاريد والغناء وحضرت أصوات الانفجارات والأنين والعذاب والعويل والبكاء. صوت الموت يتردد صداه في كل زاوية من هذا البلد.
لكن ستنزع الألغام من اليمن وسيتحرر من الأصفاد التي كبلته بها الجماعة الانقلابية وذلك بفضل مثابرة فرق مسام التي تعد مبدأ أساسيا في مشروع مكافحة الألغام من الآثار طويلة المدى والغير المحمودة. حيث يسعى عاملو المشروع للتعامل مع مختلف المتفجرات في جميع المحافظات الملغومة، إذ أن الهدف الشامل للمشروع يتمثل في تحقيق الوصول إلى كل الربوع الموبوءة مع الاستمرار في تطوير وتوسيع قدراته.
لقد قدم مسام الكثير من التضحيات في سبيل مكافحة الإرهاب الحوثي مسطرا بذلك ملحمة في الصمود والإصرار على كسر إرادة الاحتلال البغيض.
مسام مشروع إنساني بحت يهدف إلى تطهير الأراضي من الألغام والذخائر غير المنفجرة التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين والتخلص منها. وفي هذا الإطار، نفذ الفريق 30 الخاص بجمع وإتلاف القذائف عملية إتلاف وتفجير لـ1758 لغما وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة في باب المندب بالساحل الغربي.
وتعتبر هذه العملية الـ56 في قطاع عدن والساحل الغربي ليصل بذلك إجمالي عدد عمليات الإتلاف التي نفذها مشروع مسام إلى 110 عملية إتلاف وتفجير.
سيتخلص اليمن من علب الحقد الذي ابتلي بها وسيتحرر من قيود العبودية التي كبلت عجلة الحياة وستذهب هذه الجماعة إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها.