الأخبار
يغرق اليمن اليوم وللعام السادس على التوالي في بحر دماء سقت أرضه الطيبة دون أن يلوح في الأفق بصيص أمل ينهي هذا الانقلاب الذي خلف أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وبالرجوع إلى المعطيات المتوفرة يبدو أن الأمر سيطول أكثر مما كان يتوقعه أصحابه وذلك على حساب معاناة الشعب اليمني الذي يعاني ويلات لا حصر لها ويدفع ثمن أطماع هؤلاء الانقلابيين.
إذ مازال الوجع والألم مستمر نتيجة الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي بحق الدولة ومواطنيها، حيث لم تكتف بما تسببت به من انهيار معيشي وأمني بل توجهت إلى “صناعة الموت” التي أتت على الأخضر واليابس وحولت هذا البلد إلى مقبرة جماعية لأبنائه، وباتت رائحة الموت تفوح من كل شبر منه.
إن الاستخدام الواسع للألغام الأرضية في اليمن تسبب في قتل وجرح وتشويه المئات من المدنيين، عدا عن منع اليمنيين من حصاد محاصيلهم وجلب المياه النظيفة والحصول على الغذاء والرعاية الصحية وحتى الولوج إلى منازلهم مما اضطرهم إلى النزوح منها.
فالناس في اليمن يعاقبون عقوبة مضاعفة بسبب هذه الآفة التي ما فتئت تتلاعب بهم وبحياتهم وبأطفالهم الذين صارت أجسادهم هدفا لشياطين الموت تعبث بها وتجتثها من جذورها. وليست قصة الطفل عبدالله أحمد علي البالغ من العمر 13 ربيعا إلا نموذجا بسيطا لما تعانيه الطفولة في زمن الوباء الحوثي. إذ أجبره لغم حوثي على ملازمة الفراش، فسرق منه قدرته على التنقل والحركة بشكل طبيعي بعد أن سلبه قدمه اليمنى ويده ونور عينه وخطف منه أخاه الذي التحق بركب شهداء الألغام اللعينة.
إن الانقلاب الحوثي قائم على أسلوب التخريب والدمار ولا يحمل في طياته أي بادرة للإصلاح والبناء، إذ لا يتركون خلفهم أي شيء سليم، لذلك تسعى الميليشيات إلى الانتقام من خلال نشر الألغام التي تضطلع بمهمة القتل عوضا عنها ليس في الوقت الراهن فقط وإنما لسنوات قادمة.
هذا المخطط الذي سعت هذه الجماعة لفرضه على الشعب اليمني، ووجه باستماتة من قبل العاملين في مشروع مسام لإنقاذ الأرواح البريئة من براثن الألغام الحوثية التي لم تستثن أحدا.
وخير دليل على ذلك ما أنجزه الفريق 21 مسام المكون من 7 نازعين وملحق طبي في مديرية المخا، حيث تمكن من نزع وإتلاف أكثر من 1700 لغم و450 عبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة من 21 حقل ومنطقة ملغومة.
ويعمل حاليا على تأمين حقل واقع في مديرية الموزع الذي يعتبر من الحقول الأكثر تأثيرا باعتباره محاذ للمناطق السكنية وتمر عبره عديد الطرق الفرعية، فيه دفع قائد فريق جمع القذائف المهندس علي الكلدي حياته ثمنا لعمله الإنساني الرامي لإنقاذ حياة أناس ذنبهم الوحيد أنهم وجدوا في زمن الآفة الحوثية.
وقد استطاع الفريق إلى حد اللحظة من تأمين 90% من مساحة الحقل الإجمالية من خلال نزع أكثر من 50 لغم و14 عبوة ناسفة.
لا يمكن الحديث عن أمن واستقرار في اليمن ما دامت هذه الجماعة تواصل عربدتها وإجرامها. فالألغام التي تصنعها وتزرعها في كل شبر من هذا البلد كفيلة بتمزيق أوصال اليمن والدفع به إلى قاع الهاوية ما لم يتم التدخل وإيقاف هذا النزيف.