الإرهاب جهل مدقع وظلالة. فالإرهابيون أوغاد وشياطين. مع الإرهاب لن يستقيم سعي ولن يثمر جهد. كل إرهاب مهما كانت أدواته وغاياته هو فعل مقيت، إذ لا وجود لإرهاب شرعي فمن يقتل الناس الأبرياء ليس سوى مجرم، ومن يغدر بالعباد هو غدار آفك.
لقد فعلها الإرهاب في اليمن مثلما فعلها من قبل في عدة دول أخرى. لكن هذه الضربة في رمزيتها وأبعادها تتجاوز كل تلك الدول مجتمعة. فحصيلة الضحايا في ارتفاع متواصل حتى في الأماكن المحررة لا لشيء إلا لأن القاتل يتسلل من بين طيات الأرض لينهش لحم ضحيته بوحشية. إذ أوقعت الألغام عشرات القتلى والجرحى وتسببت في بتر أطراف أعداد أخرى.
وتعد ألغام الحوثي من أخطر أنواع الألغام نظرا لأنها تتخذ شكلا لا يشبه الشكل التقليدي حيث تبدو كأنها قطعة خشبية أو لعبة أو جذع شجرة.
وعلى الرغم من المطالبات الحقوقية والأممية المتكررة لميليشيات الحوثي بوقف نشر هذا الوباء إلا أن الانقلابيين واصلوا جرائمهم في هذا الاتجاه منتهكين القوانين الدولية والإنسانية التي تجرم استخدام الألغام.
هذه الكارثة التي زرعتها الجماعة المتمردة تشكل تهديدا يفوق أي سلام ممكن وبشكل لا يمكن تصوره. لذلك يحضر الموت والرعب بقوة في اليمن.
في تعز، تبدو تفاصيل مأساة مصائد الألغام واضحة على جسد أمينة ابراهيم التي مزق لغم أرضي قدمها مما أدى إلى بترها.
وتختزل قصة أمينة مآسي أكثر من 10 آلاف ضحية في مناطق الصراع اليمنية ممن فقدوا حياتهم أو عادوا إلى أهاليهم عاجزين من دون أطراف جراء تعرضهم لانفجار أحد الألغام.
في قصة أمينة تفاصيل جرح يمني ينزف منذ بداية الانقلاب الحوثي. فبعد أن كان الناس يعيشون في أمان يزرعون ويحصدون ويأملون بغد أفضل، قدمت جحافل الميليشيات من كهوف صعدة لتحرق الأرض وما عليها تاركة آثار إصابات جلية على أجساد المدنيين.
كلفة ثقيلة دفعها اليمنيون ولم يهون هذا العبء سوى مشروع مسام الذي قدم إلى اليمن ليكون النبراس الذي ينير دربهم نحو غد أفضل.
فلولا جهود أبطال مسام لما استطاع الأطفال مواصلة دراستهم ولما تمكن المزارعون من استئناف نشاطهم وما عاد السلام ليطرق بابهم.
عاملو مسام يحفرون وسط الموت لانتشال حياة شعب أريد به شر، فيعرون اللغم في مخبئه ويفضحون شره ويكشفون سره ثم يقلعونه من مكمنه بعد أن يجردونه من أنيابه ومخالبه ومن قدرته على الغدر والقتل.
وفي هذا الإطار، تمكنت فرق المشروع من إزالة 2664 لغما وذخيرة غير منفجرة خلال الأسبوع الأول من شهر ماي الجاري إضافة إلى تطهير 22518643 مترا مربعا من الأراضي اليمنية.
مازالت عديد المناطق في اليمن ترزح تحت عربدة الألغام الحوثية. فلا خيار ثالث أمام متساكنيها فإما أن يموتوا جوعا أو أن يموتوا بألغام الحوثي اللعينة. لذلك صار من الضروري إزاحة هذه الجماعة وإجبارها على إيقاف حربها الجبانة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ذاك الوطن المكلوم.