الأخبار
الصيادون اليمنيون فريسة سائغة للألغام التي امتد أذاها إلى البحر الذي لطالما كان منبعا لقوتهم ولقوت أهلهم، حيث ترك كثيرون من الصيادين هذه المهنة خوفا من الألغام البحرية فيما بقي آخرون يغامرون لإعالة أسرهم، فتتربص بهم فخاخ الموت ويلقون مصيرا مشابها لمصير الصياد وهيب.
حرصا على توفير قوت أهله ركب وهيب البحر ليصطاد، فلم يكن يعلم أن لغما بحريا سينفجر بقاربه في البحر وينهي حياته تاركا جثته تتقاذفها الأمواج إلى أطراف الشاطئ وتخبر ذويه عن مصيره المأساوي، وتضع نهاية لقدرته على العودة إلى المنزل لمداعبة أطفاله والوقوف إلى جانبهم.
جثته الهامدة المحمولة على أذرع الأمواج، أخبرت القاصي والداني أن الصياد وهيب محمد حسن الأب لخمسة أطفال قتل جراء انفجار لغم بحري حوثي في ساحل الطور بمديرية بيت الفقيه في محافظة الحديدة، أثناء ممارسته لمهنة الصيد التي يتخذ منها وسيلة لكسب الرزق الحلال وتوفير لقمة العيش الكريمة لأفراد أسرته الذين أصبحوا اليوم دون ظهر يستندون عليه، سوى عمهم الذي يعيش ظروف معيشة صعبة.
يروي شقيق “وهيب” عن استشهاد أخيه حيث يقول “ذهبنا للبحث عن أخي بعد أن تأخر في العودة إلى المنزل فوجدنا جثته قد أخرجتها الأمواج إلى شاطئ البحر، وتحولت إلى أشلاء بجوار قاربه الذي تناثر إلى حطام”.
ويواصل حديثه، مشيرا بيده، هؤلاء الخمسة أطفال كان أخي يكابد ظروف الحياة القاسية لأجلهم، ليمنحهم حقهم الطبيعي الذي يقع على عاتقه، وهي الحياة الكريمة ولكنهم اليوم فقدوه وأصبحوا أيتام”.
ببراءة الطفولة والعفوية تنظر طفلة وهيب إلى عدسة الكاميرا ، وتقول بأن أبيها ذهب إلى البحر وانفجر به لغم، هذه الكلمات القليلة التي ترددت إلى مسامعها وتلفظت بها، أطلقتها بعينان ترجو عودة أبيها إلى البيت لتشعر بحنان الأب الذي تعودت عليه، ولكنها لا تدرك بأن والدها قد غادر الحياة ولن يعود إليهم مرة أخرى.
الناظر لحال أطفال وهيب يرى تبعات ويلات الألغام، اذ يعيشون في أكواخ مصنوعة من أشجار النخيل لا تصلح للعيش الآمن، حيث يمكن للرياح أن تقتلعها في اي لحظة، كما أنهم مهددون بالفقر والجوع والمرض والتشرد ناهيك عن حرمانهم من التعليم خصوصاً بعد وفاه والدهم الذي كان يعيلهم.
حالة أسرة الشهيد وهيب واحدة من بين الآلاف من الضحايا المدنيين في الحديدة لجرائم الألغام التي لا تعرف سوى القتل والبطش والقصف وتوزيع المآسي والتدمير وسقي الأبرياء لحنظل المظالم بالجملة.