الأخبار
فهد محمد كان على موعد قريب من رؤية طفلته، لكن لغما غادرا حال دون ذلك وأخذ نور عينه.
كثيرة هي القصص التي خلفتها الألغام في اليمن. قصص يدمي لها القلب قبل العين، وفي كل زاوية من أرجاء اليمن صنعت الألغام حكايا ألم ورسمت مشاهد حزن ستظل محفور ة في ذاكرة الزمن.
مآسي الألغام كثيرة ومتنوعة، فهنا قصة شاب فقد جزء من جسمه، وهناك قصة طفل فقد معظم أفراد عائلته، وفي الغالب قد لا تجد أسرة أو عائلة في المناطق الملغومة إلا وقد أخذت منها الألغام قتيل أو تركت فيها معاق.
منطقة العمري إحدى مناطق مديرية ذباب التابعة لمحافظة تعز، واحدة من مئات المناطق اليمنية التي فعلت بها الألغام ما فعلت، شردت المواطنين من قراهم، وحرمتهم من العمل في حقولهم الزراعية ومنعتهم من رعي الأغنام، لتحكم عليهم بالموت البطيء في منازلهم أو في مخيمات النزوح.
والمواطن فهد محمد أحمد، أحد أبناء منطقة العمري، يروي لمكتب مسام الإعلامي معاناته من الألغام فيقول “مصدر دخلي يعتمد على نشاطي اليومي، حيث أعمل على متن دراجتي النارية لنقل الناس و مع أحد مالكي المزارع بالأجر اليومي، وأحيانا أذهب للعمل في تجميع الحطب وبيعه، فأنا لم ألتحق بالمدرسة، وليس لي أي حرفة أو مهنة سوى العمل على دراجتي النارية.
يواصل فهد محمد سرد قصته بقوله “في أحد الأيام بينما كنت أقوم بجمع الحطب بكل أمان، لا أعلم شيء عن تواجد اللغم في محيطي، كنت أجمع أغصان الحطب وفجأة داست رجلي على لغم، ليحدث الانفجار ويقذف بي بعيدا، لأجد نفسي بعدها على أسرة المستشفى وقد فقدت كلتا عيناي وبترت رجلي اليسرى، بسبب اللغم.
يقول فهد محمد “كان عملي دائما تكون شاقة وبحاجة إلى أن تكون جميع أجزاء جسمي في أحسن حال، لكن في حالتي هذه بسبب اللغم الغادر الذي زرع في طريقي، فقد حكم علي بالجلوس في البيت، قعيد الفراش، وبعد أن كنت أعيل أسرتي أصبحت عالة عليهم”.
يضيف فهد، وهو يسرد معاناته قائلا “بعد أيام من إصابتي رزقني الله بطفلة هي ثالث أطفالي، تقول لي زوجتي بأنها الأجمل من بين إخوتها، لكني لم أتمكن من رؤيتها، بسبب فقدي للنظر، فطفلتي أتت إلى هذه الدنيا بعد أن فقدت نظري جراء الانفجار، ودائما أحن كثيرا إلى رؤية وجهها ولو للحظة، لكن لا حيلة لي في ذلك.
يؤكد فهد محمد في ختام حديثة بأن أهالي منطقته عادوا من جديد إلى منازلهم بعد أن تمكنت فرق مشرع مسام من تأمين منطقة العمري من الألغام ومخلفات الحرب الأخرى، وعاد المواطنين أيضا إلى ممارسة عملهم بشكله الطبيعي، من رعي الأغنام أو تجميع الحطب وزراعة الأراضي بكل أمان دون خوف من الألغام ومخلفات الحرب، مؤكدا أن فرق مسام الهندسية قد قامت بواجبها الإنساني كما يجب، وحالت جهودها دون هلاك العديدين ووقوع آخرين في نفس المصير القاتم الذي آل هو إليه.