ليس حبيب من أخذت منه ألغام الميليشيات مهنته وحرمته من مصدر رزقه الوحيد، بل هو نموذج من عشرات بل مئات الصيادين في مديريات الساحل الغربي الذين حولتهم الألغام إلى معاقين وعالة على أسرهم وذويهم.
وفي هذا السياق، يروي الصياد اليمني حبيب صالح لمكتب مسام الإعلامي تفاصيل قصته مع الألغام بقوله “ذهبتُ ورفاقي لصيد الأسماك في باب المندب، وبعد أن أنهينا عملنا، هممنا بصعود تلة صغيرة، كُنت قد حذرت رفاقي من هذه المنطقة، حيث كنت قد سمعت أن هذا المكان يحتوي على ألغام، لكن أحدهم طمأننا بقوله لا يوجد داع للخوف فأنا أمرُ من هذه الطريق بشكل متواصل”.
ثم واصل حبيب صالح مفصلا “تتبعنا أثر صديقنا، وبينما انا أمشي انطلق صوت من تحت قدمي وقذف بي بعيدا، كأن هذا صوت انفجار اللغم الذي دست عليه بقدمي أثناء السير، ليهرع رفاقي إلى، ويسعفوني لأحد مستشفيات عدن، لتلقي العلاج، لكن دون فائدة، فقد خسرت قدمي اليمنى، وخسرت معها مهنة صيد الأسماك للأبد”.
كما ذكر حبيب متحدثا عن الألغام ومتحسرا على ما آل إليه حاله “لقد تغيرت حياتي بأكملها، فقد كنتُ أعيل أبنائي السبعة من خلال ذهابي للبحر وصيد الأسماك، لكن بعد انفجار اللغم، وبتر قدمي اليمنى، لم أعد قادرا على الذهاب للصيد، ومكثتُ في البيت كثيرا، لكن ضيق الحال جعلني أعود إلى مرسى صيد الأسماك، ليجود عليٌ أحد أصدقائي بميزان أزن به الأسماك، وبفضله عدت للعمل مجددا، لكن لم أعد للبحر البتة كصياد”.
ثم عاد حبيب صالح ليضيف أيضا “الألغام هي أكبر خطر يواجه المواطنين في العالم، فهي لا تصدر صوتا كما هو الحال بالنسبة الصواريخ، والطائرات لتمنحك فرصة للاختباء منها، ولا تشعركِ بها إلا فقط حينما تدوس عليها، وشعورك بها يأتي بعد فوات الأوان، لذا هي أخطر سلاح وأكثرها غدرا، واليوم لا يسعني إلا أن أتمنى أن تستمر فرق نزع الألغام في عملها دون توقف، إلى أن تنتزع آخر لغم من الأراضي اليمنية، ليعيش الجميع بأمان، فجهود هذه الفرق وتضحيات مسام في اليمن هو أملنا الوحيد للخلاص من هذا الموت المتربص بنا جميعا في وطننا”.