أسرة أُخرى تتوشح حياتها بالسّواد، في محافظة الحديدة بالساحل الغربي اليمني، على إثر ألغام المليشيات.. أسرة أُخرى مكوّنة من زوجة باتت أرملة بفقد زوجها، وطفلينِ باتا يتيمينِ بخسارة أبيهما، صار التشريد والمعاناة مصيرها، دونما مأوى لهم أو غذاء.
قاسم يحيى غالب من أبناء قرية الحيمي في حَيْس، رب أسرة وأب لطفلين، كانت حياتهم مشرقة بوجود أبيهم، ملئية بالدفء والأمان، حتى حالت الكارثة وزحف صقيع الوحدة علي أيامهم بغياب الأب للأبد.
فبينما كان قاسم يحمل الخضروات على متن دراجته النارية ويجوب بها مناطق (حيس)، متجولًا في الأحياء والأزقة، بحثًا عمن يشتري بضاعته، ليعود إلى منزله وأطفاله بالمردود الزهيد العائد من عمله في بيع الخضروات؛ مصدر دخله الوحيد الذي يقتات منه أطفاله، حلت الكارثة.
المأساة تعود لثلاثة أعوام خلت، كان قاسم في طريق عودته على متن دراجته النارية، في قريته الحيمي، ولكن لغما من مخلَّفات المليشيات حال دون وصوله إلى منزله والعودة إلى أهله بما كسبه طيلة يومه، فقد انفجر به اللُّغم وقطّع جسده لأشلاء متناثرة، وكان الموت نتيجة حتمية لقاسم من قوّة الانفجار، ومن هول الموقف لم يستطع أحد من المواطنين الذين سمعوا انفجار اللُّغم ورأوا الأشلاء متناثرة هنا وهناك أن يلملم بقايا الجسد الممزق في العراء، إذ كانت الأشلاء على خط النار.
وهنا تتحدث فاطمة خادم محمد مشعل، زوجة الفقيد قاسم بنبرةٍ حزينة قائلة “لم يبقَ لنا أحدٌ، كان زوجي يعولنا وينفق علينا من بيع الخضروات، ولكن فقدانه إثر انفجار لغم من ألغام الميليشيات الإجرامية دمر حياتنا”.
وتتسآل فاطمة بنبرة تملؤها الحيرة: لدي طفلان: ولد وبنت، ولا نملك أيَّ شيء، ولا أحد في الدنيا يعولنا، أو يقدِّم لنا حتّى أقلّ مقومات الحياة العادية الضرورية، وقد ازدادت أوضاعنا المعيشة سوء بعد موت زوجي، ماذا نفعل وما هو ذنبنا حتى ترمي بنا الألغام في هذا الجحيم.