الأخبار
مؤشر السعادة، هذا التقرير الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، يقيس مدى السعادة في المجتمعات وفقا لدراسات وإحصائيات متعددة. يتم من خلاله قياس مدى شعور الأفراد بالسعادة والرضا في حياتهم.
فهل يمكن الآن أن تجتمع كلمتا اليمن والسعادة في نفس الجملة؟.
أعتقد أن هاتين الكلمتين لا يليق بهما أن تكونا في نفس الجملة، إذ كيف أن تطرق السعادة باب بلد صار مثالا للتعاسة والحزن والألم بسبب الواقع المرير الذي يرزح تحته سكان هذا البلد؟ لذلك لا غرابة حين نجد اليمن يتذيل قائمة تقرير مؤشر السعادة لسنة 2019.
فكيف لهذا البلد أن يحتل مرتبة مقبولة حتى لا نقول جيدة وهو يتصدر يوميا عناوين الأخبار والصحف مقرونا بقاموس محدود من المفردات ألا وهي الجوع الشديد، الفقر، النزوح، الدمار، اللجوء، الموت، المرض، الأوبئة، المعاناة، الضحايا، الكارثة الإنسانية، الألغام.
اليمن اليوم هو مقبرة للسعادة ومكان لأكبر مأساة إنسانية على وجه البسيطة، بعد أن غيرت الحرب ملامح هذا البلد وغيرت معه الحقائق التي نعرفها عن هذا المكان المعروف بطيبة أهله وكرمهم والزاخر بتاريخ عريق، المكان الذي كان في الماضي مركزا حضاريا مرموقا، المكان الذي كان يوصف ذات يوم بـ”السعيد”.
ولتفهم حجم معاناة هذا الشعب ما عليك إلا قراءة بعض الإحصائيات الواردة هنا وهناك، حيث يعتمد 80% من اليمنيين على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، فيما يعجز ما يناهز 58% منهم على الحصول على مياه نظيفة، هذا إضافة إلى عجز 52% من المواطنين عن إيجاد مستشفى لتلقي العلاج بسبب تقويض الانقلاب لقطاع الرعاية الصحية، فقد تعرض ما يزيد عن 160 مستشفى وعيادة للهجوم وتم استخدام بعضها كثكنات عسكرية من قبل الميليشيات الحوثية. هذا عدى عن معاناة الملايين منهم من سوء التغذية حيث يتضور اليمنيين جوعا حتى الموت إذ يعيشون على وجبة طعام واحدة في اليوم ولا يعرف معظمهم من أين ستأتي. كما أن هناك عائلات تهيم على وجهها بحثا عن مأوى يضم أضلعها ويحميها من النوم في العراء.
وسط هذا الزخم من الأرقام الواردة في التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية والحقوقية، والتي لا يكفي شريط أخبار لسردها فلكل رقم قصة معاناة لم تنته فصولها بعد، ترد الإحصائيات الدالة عن مقابر الموت التي هيأتها الميليشيات الحوثية لوأد حاضر اليمن ومستقبله. الآلاف من الألغام بعثرتها أيادي الشر الحوثية في المساحة الجغرافية اليمنية حولت بها عديد المناطق إلى أماكن لقبر الحياة وتفريخ العجز والمآسي.
اليمن اليوم غارق في مستنقع ألغام أطفأ آلاف الضحكات وسرق الأرواح ونهب الحياة، رغم مجهودات مشروع مسام الذي سخر إمكانيات جمة لإزالة الأشواك المنفجرة من طريق اليمنيين والدفع باليمن إلى بر الأمان وهو “يمن بلا ألغام”، وقد تمكن بالفعل من تحقيق نتائج جد إيجابية بعثت الأمل في نفوس اليمنيين.
ستعجز الأرقام والإحصائيات وكل لغات العالم عن إيصال مرارة أم أو وصف معاناة مريض أو جوع طفل لكنها يمكن أن تكون صرخة توقظ الضمائر وتفتح عيون العالم عن الجرائم المرتكبة في حق اليمنيين عله يتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.