الأخبار
عندما ينفجر لغم حوثي في مكانٍ ما من محافظة الحديدة، نظن بأنه الانفجار الأخير، وما نلبث حتى نسمع دوي انفجار لغم آخر في مكانٍ ما، فيخلّف ضحايا أكثر ودمارًا أكبر وجراحا لا تندمل، ومآس يعجز الزمن عن تبديدها، حتى صارت الألغام روتينا يوميا يقتل الحياة لدى مواطني محافظة الحديدة.
الشابان عمر محمد علي (17 عامًا) وعبد المجيد عبد الله (15 عاما)، أولاد عم، من أبناء قرية الحويط التابعة لعزلة موشج، إذ خرجا ذات صباح بمعية صديقيهما، يقصدون سوق البلدة، يحملون معهم سلال تحوي محصول البامية لبيعها، لإعانة أسرهم بالمردود الزهيد العائد من بيع محصولهم، وكان الشابان يتناوبان على حمل السلة طيلة الطريق حتى وصلا إلى السوق، إذ إن السلة ثقيلة على جسديهما الصغيرين، لم يحمل الشابان اليافعان سلة البامية وحسب، بل حملا على عاتقهما هما ومسؤولية أسرتيهما، لقد كان الحمل ثقيلا و يعجز بعض الرجال الأشداء على حمله.
عند حلول الظهيرة كانت قد نفدت كل كمية البامية التي تحويها السلة، ثم قصدا المسجد لأداء صلاة الظهر، وبعد أن أنهياها، هما بالعودة إلى المنزل، وفي طريق العودة انفجر لغم زُرع بأيدي الموت الحوثية، قُتل الشبان الأربعة، لقد صادفوا الموت مبكرًا على قارعة الطرق، وهم وما يزالون يتسلقون الدرجات الأولى في سلم الحياة.
تتحدث (جمعة صالح)، أم عمر بحُرقة عن المصاب الذي ألمّ بها بقفدان فلذة كبدها قائلة “بعد أن جنى ولداي: عمر وابن عمه عبد المجيد البامية، ذهبا إلى موشج لبيعها هناك، وبينما كانا في طريقهما إلى البيت لتناول وجبة الغداء، انفجر بهما وصديقيهما لغم حوثي، سمعنا دوي انفجاره وكأنه انفجر داخل إحدى غرف المنزل”.
من جانبها تعبر (جميلة مصطور)، أم عبد المجيد عن المأساة التي أردت ولدها قتيلا في عزّ شبابه قائل “بسبب المجرمين الحوثيين الذين زرعوا الأرض أمام أطفالنا بالألغام، لقي ولداي عبد المجيد وابن عمه عمر وصديقاهما حتفهم إثر انفجار لغم حوثي، لقد تناثرت أشلاؤهم من شدة الانفجار، وجُمعت من على الأرض قطعة قطعة في كيس”.
عمر وعبد المجيد ضحيتان بين آلاف الضحايا الذين سببت الألغام الحوثية إنهاء حياتهم فجأة، ودون أيّ ذنب اقترفته أيديهم، في قرى ومدن محافظة الحديدة المختلفة على امتداد الساحل الغربي.