
لم تترك الألغام في اليمن جريمة إلا ارتكبتها، ولم تستعفف عن حرمة إلا هتكتها، ولا على قانون سماوي أو وضعي إلا ضربت به عرض الحائط، فمزقت الأسر والأحياء والقرى والمقاطعات ورمت بالأشلاء في كل اتجاه ونشرت رائحة الدم في كل مكان.
الدماء والدموع والأشلاء والمقابر والأجساد المبتورة المقطعة التي تجوب الشوارع إما زاحفة أو متكأة على عصي الإعاقة والمعتمدة على الكراسي المتحركة في تنقلاتها المتاحة والمعتمدة على أطراف اصطناعية.. مشاهد رائجة جدا في اليمن المنكوب بالألغام.
فماذا بقي للألغام أن تفعل وتقترف من ذنوب وجرائم، حتى يتوقف العالم عن صمته وتدب فيه النخوة وينفض عنه خمول اللامبالة ويلتف لصنيع الألغام في اليمن ويقول كلمته الفصل بحق هذه الأدوات الدموية البشعة التي لا تعرف التوبة البتة.
هل تركت الألغام في اليمن جرما لم تقترفه ولا تلطخ به سجلها الأسود؟، لماذا يقف العالم وكأنه على كوكب آخر ولا يصغي لنداءات الشعب اليمني وصرخاته التي لا تفتر؟ ماهذا التجاهل ولماذا؟!.
ألا تستحق دماء اليمنيين الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ وغيرهم لفتة عزم وحزم عالمية إنسانية لوقف هذا الهرج والمرج الدموي في اليمني؟.
الصور تحكي والمشاهد تروي والقصص تغني عن التحقق والتثبت، فالحقيقة في اليمن بازغة بزروغ الشمس في عز الظهيرة ولا تحتاج تدقيقا ولا تمحيصا، فالحاجة لهبة إنسانية في اليمن في غاية الإلحاح، لكن العالم الإنساني غارق في صمته وتجاهله إزاء ما يحدث من جرائم بشعة تتفنن في سيناريوهاتها الألغام في اليمن دون توقف.
الموقف حرج ومحرج والتاريخ لن يترك أحد منا من المحاسبة، فما يحدث في اليمن إبادات جماعية بالجملة عبر ألغام وجدت لتهلك الحرث والنسل وتبيد مجتمعا بأكمله بتاريخه وجغرافيته وديمغرافيته وتمحق واقعه وتحول مستقبله إلى رماد تذروه الرياح.. فمتى يتوب العالم عن صمته، ففي اليمن ما يستحق الحياة.