الأخبار
مناطق محافظة الجوف موطن لحشد رهيب من الألغام التي زرعها الحوثيون خلال السنوات الماضية وبشكل عشوائي دون خرائط. فمآسي الناس في الجوف بالجملة وضحايا الألغام فيها رقم مفتوح لم يغلق بعد، والفخاخ ملغومة في هذه المحافظة متعطشة جدا للدم ولصوت الانفجارات القاتلة.
فقد ذهب المواطن اليمني مبارك صالح المقرحي، الخميس الماضي، لحضور مراسيم تقديم العزاء في مقتل نجل صديق له بانفجار لغم أرضي، ولم يكن يتوقع أن المصير ذاته ينتظره.
ويقول المرصد اليمني للألغام، وهو مرصد يُعنى بتوثيق ضحايا الألغام في اليمن، أن المقرحي من أبناء محافظة شبوة، وقدم مع شقيقه سالم إلى محافظة الجوف لتقديم العزاء لصديق لهما، إلا أن لغما أرضيا انفجر بهما في منطقة المهاشمة بمديرية خب والشعف، أثناء عودتهما من العزاء، فقتل الرجل وأصيب شقيقه.
في المديرية ذاتها ومديريات أخرى في المحافظة أبرزها مديرية المتون، تترصد الألغام تحركات المواطنين ويسقط ضحاياها بشكل شبه يومي نتيجة تلك الألغام.
وقال مصدر محلي مسؤول لوكالة أنباء “شينخوا”، أن لغما أرضيا انفجر بمواطن يُدعى حميد أحمد شيبان في منطقة جبال حام بمديرية المتون في الجهة الغربية من محافظة الجوف، مشيرا إلى أن الرجل كان يقوم بجمع الحطب أثناء انفجار اللغم الأرضي، والذي كان يعيل أسرته من هذه المهنة.
وتقول السلطات المحلية في المحافظة الاستراتيجية التي تقع أجزاء منها على الحدود مع المملكة العربية السعودية، إن المحافظة تواجه وضعا كارثيا جراء تلوثها بالألغام.
وأكد عبد الهادي العصار مدير مكتب حقوق الإنسان في محافظة الجوف، أن المحافظة تمر بوضع كارثي جراء زراعة الحوثيين للألغام بكثافة في مناطق واسعة من المحافظة.
فقد بين العصار الآتي “معظم مناطق محافظة الجوف ملوثة بالألغام، حيث عمد الحوثيون خلال السنوات الماضية إلى زراعة حقول واسعة من الألغام بشكل عشوائي دون خرائط”.
ثم واصل مفصلا “لم يكتف الحوثيون بزراعة الألغام بالمناطق العسكرية بل قاموا بزراعتها في الطرقات والمباني الحكومية والمدارس والمزارع، ومناطق تحركات المواطنين”.
كما أكد العصار أن مديريات خب والشعف والغيل والمصلوب والحزم والمتون، هي أكثر مديريات المحافظة التي زرع فيها الحوثيون شبكات واسعة من الألغام، قائلا “نسجل سقوط ضحايا مدنيين بشكل شبه يومي، وقد تم رصد 815 حالة انتهاك نتيجة الألغام منذ 2015 وحتى نهاية العام الماضي”.
وفقا لتصريحات العصار، فإن ضحايا هذه الانتهاكات لفترة الأربع سنوات الماضية هم 190 قتيلا و385 حالة جرح وتشويه وإعاقة، إضافة إلى 78 حالة تدمير للمركبات، ونحو 165 حالة أضرار نفسية لحقت بأقارب وأسر الضحايا.
ومنذ بداية العام الجاري سقط العشرات من الضحايا ولا زال العمل جاريا على جمع المعلومات ورصد الحالات، حيث أن الوضع في الجوف كارثي نتيجة استمرار سقوط الضحايا من المدنيين جراء الألغام.
كما ناشد المسؤول الحقوقي المحلي، الجهات المعنية إلى المساهمة في تطهير المناطق الملوثة بالألغام والضغط على الحوثيين للتوقف فورا عن زراعة المزيد من فخاخ الموت المتفجر.
من جانبه، قال راصد محلي يمني “إن ضحايا مدنيين يسقطون بشكل شبه يومي جراء الألغام في الجوف، وإن العديد من الأضرار لحقت بالقطاع الزراعي الذي تشتهر به المحافظة ذات المساحات الشاسعة”.
وأوضح مبخوت عذبان، وهو عضو فريق منظمة الجوف للحريات وحقوق الإنسان “منظمة مدنية”، أن حوادث الألغام تتكرر في الجوف بصفة مستمرة، وضحاياها يتحولون إلى مجرد أرقام إلى جانب معاناة من يصابون بإعاقات دائمة”.
وأضاف بقوله “إن المدنيين يدفعون في الجوف فاتورة باهظة جراء زراعة الحوثيين للألغام بطريقة عشوائية في مناطق مدنية”، مؤكدا “من خلال رصدنا لحوادث الألغام، فإن معظم الضحايا سقطوا أثناء استخدامهم للطرق وكذا أثناء تواجدهم في مزارعهم أو في مناطق رعي الماشية”.
وبحسب عذبان، وهو يعمل أيضا راصدا متعاونا مع المرصد اليمني للألغام، فإن حوادث الألغام زادت خلال الأسابيع والأشهر الماضية، خاصة في مديريات خب والشعف والحزم والغيل والمصلوب والمتون، وتسببت إلى جانب سقوط ضحايا مدنيين، بحرمان المزارعين من استخدام الأراضي الزراعية وكذا تعرض العشرات من المركبات والمعدات الزراعية للتدمير، فيما تحولت مناطق واسعة كان يستخدمها المواطنون لرعي الماشية إلى حقول موت.
وقالت لجنة الحقوق والإعلام في محافظة الجوف قبل أيام، إن “الألغام التي زرعها الحوثيون الأسبوع الماضي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 20 مدنيا في المحافظة”.
واعتبرت “أن مثل هذه الأعمال والانتهاكات تتنافى مع كافة المعاهدات والأعراف الأخلاقية المحلية والدولية”.
وطالبت اللجنة الحكومية “المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان بالضغط على ميليشيات الحوثي بسرعة نزع الألغام التي زرعتها في عدد من المناطق”.